متابعة: محمد جمعه الشافعي
ميتا الصحفية:
في البداية أستغرب من تجاهل طرفي النزاع في السودان «حميدتي، البرهان» للمطالبات المتكرره من كافة الشعوب العربية والمنظمات الحقوقية الإقليمية، وغيرها بوقف القتال فوراً، ومازال يتصارع الجيش السوداني والقوات شبه العسكرية القاسية على السلطة، وسط إرتفاع غير مسبوق لعدد الجياع في البلاد إلى أكثر من 20 مليوناً، والذي يعُد مؤشر خطر ليس على السودان فقط بل سيمتد خطرة إلى المنطقة بأكملها، ومازالت الآمم المتحدة والجامعه العربية عاجزين بشكل كامل عن حماية المدنيين، أو إيجاد حلول لوقف القتال ويكتفيا الأثنين بالشجب والتنديدات فقط !.
ونشاهد ويشاهد العالم بأسرة الهجمات الجديدة في دارفور، وغيرها من المدن السودانية، ولا نرى ّأي إجراءات ملموسة، أو حتى ضغط من الولايات المتحدة في هذا الشأن أثناء رئاسة مجلس الأمن الدولي لوقف القتال، وتظهر بيانات الأقمار الصناعية أمس “الجمعه” دماراً هائلاً بسبب الحرائق في بلدة سيربا بولاية غرب دارفور وغيرها من المدن السودانية في أواخر يوليو 2023، وأصبح عدد القرىّ التي تم تدميرها أو حرقها بالكامل تقريباً في غرب دارفور منذ أبريل “7” قرىّ وفق البيانات.
وأتساءل هنا هل مع تولي الولايات المتحدة رئاسة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لشهر أغسطس الجاري سيستمر تجاهل الوضع في السودان حتى يتم تدميرها بالكامل؟، أم ينبغي على واشنطن الآن أن تضغط على المجلس لإتخاذ إجراءات صارمة لوقف الفظائع المستمرة في دارفور وغيرها من المدن السودانية، من خلال فرض عقوبات محددة الهدف ضد المسؤولين عن الإنتهاكات المستمرة، وهل رئاسةالولايات المتحدة لمجلس الأمن تعُد فرصة لبدء العمل وللتوضيح أن هيئة السلام والأمن العالمية لها دور حيوي في كبح الهجمات على المدنيين في دارفور، وغيرها وفي جميع أنحاء السودان؟.
فلا ينبغي للعالم أن يقف مكتوف الأيدي لأن المدينة تلو الأخرىّ في غرب دارفور، وكافة المدن السودانية تُترك محترقة على الأرض، مما دفع عشرات الآلاف من المدنيين إلى الفرار للنجاة بأرواحهم، لذا؛ تحتاج حكومة الولايات المتحدة الآن إلى وضع الأقوال موضع التنفيذ، والتأكد: من أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يعمل أخيراً لحماية المدنيين ومحاسبة المسؤولين عن الفظائع وخاصةً التجويع الذي لحق بعشرات الملايين والتي ترقىّ إلى جرائم الحرب.
فقد شاهدنا منذ إندلاع النزاع في الخرطوم، بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في 15 أبريل الماضي، إمتد الصراع أيضاً إلى ولاية غرب دارفور، وكانت هناك هجمات متعمدة ومتكررة على المدنيين، معظمها من قبل قوات الدعم السريع، والميليشيات العربية المتحالفة، والتي تستهدف سكان المساليت العرقيين،
وفي أعقاب هجمات واسعة النطاق على بلدة مستيري في أواخر مايو، وعلى العاصمة الإقليمية”الجنينة” من أواخر أبريل حتى منتصف يونيو، إنحسر العنف في هذه البلدات مع طرد سكان المساليت إلى حد كبير، ومع ذلك إستمرت الهجمات على البلدات، والقرىّ الأخرىّ في الولاية بلا هوادة.
وأظهرت بيانات الأقمار الكشف عن الحرائق التي قدمها نظام معلومات الحرائق لإدارة الموارد التابع لوكالة “ناسا” حرائق نشطة فوق سيربا في 27 و 28 يوليو، وتأثرت كل منطقة سكنية في البلدة، كما يتضح من صور الأقمار الصناعية عالية الدقة من 29 يوليو، والتي تم مراجعتها من خلاص خبراء متخصصين في هذا الشأن،
وأفادت”نقابة المحامين” في دارفور أن الهجمات في سربا بدأت في 24 يوليو، وإستمرت لعدة أيام، حيث قتل المهاجمون “200” شخص على الأقل، بينهم زعماء محليون، وتم نهب المنازل ثم أشعلوا فيها النيران، وفق البيانات.
وألفت: في مقالي إلى التحاليل التي تشير إلى أن هذا يرفع إجمالي عدد البلدات والقرى التي أحرقت بالكامل في ولاية غرب دارفور منذ أبريل الماضي إلى “7” قرىّ هما حبيلة كناري، ومجمري، ومستيري، ومولي، ومورني، وجوكور، وسربا، هذا بالإضافة إلى إشعال النيران في عشرات المواقع التي بها نازحون، وبعض الأحياء في الجنينة عاصمة الولاية، وأفاد مختبر البحوث الإنسانية بجامعة ييل في 2 أغسطس أنه تم تدمير ما لا يقل عن 27 مدينة عبر ولايات دارفور، وهاجمت قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها مورني، مما أسفر عن مقتل السكان أثناء فرارهم، فضلاًعن؛ تنفيذ عمليات نهب واسعة النطاق للمنازل، ثم أحرق المهاجمون المدينة في 27 يونيو الماضي.
وكان غرب دارفور بؤرة لدورات العنف ضد المجتمعات غير العربية منذ عام 2019، وسبق أن وثقت بعض المنظمات الحقوقية الدولية، وكان أبرزها”هيومن رايتس ووتش” إنتهاكات جسيمة ضد المدنيين في بلدة سيربا، ومنطقة مورني في سياق عمليات الرئيس السوداني السابق “عمر البشير” لمكافحة التمرد في دارفور من أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين،
وشاهدنا وشاهد الجميع الحرائق النشطة في مورني لمدة خمسة أيام متتالية، من 27 يونيو إلى 1 يوليو، وتُظهر صور الأقمار الصناعية عالية الدقة من 30 يونيو مناطق سكنية محترقة وأعمدة دخان هائلة تتصاعد من المدينة.
وتوضح مقارنة صور الأقمار الصناعية بالأشعة تحت الحمراء بين 25 يونيو، و 6 يوليو 2023 مدىّ الإحتراق في بلدة مورني بغرب دارفور بالسودان، في صور الأشعة تحت الحمراء، ويظهر الغطاء النباتي باللون الأحمر والمناطق المحترقة أكثر وضوحا في الظلام، وفق ما تظهرة صور الأقمار الصناعية،
وذكر أنه عادت إمرأة في العقد الثالث من عمرها إلى بلدتها”مورني” بعد ثلاثة أيام من الهجوم للبحث عن والدها المفقود، ورأت أن معظم المنازل قد إحترقت بشكل كامل، وكل السكان غادروا، وكان بعض العرب يجلسون بجوار المنازل أو داخلها، والبعض الآخر يبحث في الأنقاض عن النهب، وأكدت: إنها رأتهم يقتلون سبعة أشخاص في ذلك اليوم الأول أمام أعينها.
وإستمرت هذه المرأة في العودة لمدة “17” يوماً للبحث عن جثة والدها، وتفحص الجثث المتناثرة في الشارع خلال ذلك الوقت، وشاهدت المزيد من العرب يأتون، وكانوا يحتلون المباني الحكومية في كل مرة تذهب فيها، وقالت: إني كنت أتعرض للضرب من قبل القوات العربية المسلحة وكانوا يقولون ، “لا تعود” مره آخرى وفق ما قالت؛، ولم تجبر أعمال النهب والتدمير التي صاحبت الهجمات في غرب دارفور السكان على الفرار فحسب، بل تركتهم أيضاً مع القليل من الموارد للبقاء على قيد الحياة، وذكرت الأمم المتحدة في 23 يوليو، أن أكثر من 17000 شخص قد نزحوا من مورني، وفي 2 أغسطس أفاد التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي “IPC”يوم الأربعاء أن مايقرب من 65% من السكان في غرب دارفور يواجهون آزمات أو مستويات طارئة من إنعدام الأمن الغذائي في آنً واحد.
وأسْتَطرَدَ: في مقالي أنه ومنذ أبريل الماضي وصل أكثر من 300 ألف شخص إلى تشاد، والأغلبية منهم من غرب دارفور، وإعتباراً من أواخر يوليو، كانت الأمم المتحدة تسجل إنخفاضاً كبيراً في أعداد النازحين الذين ما زالوا في غرب دارفور ، وهذا يؤكد: وفق ما ورد من الآمم المتحدة إلى زيادة مستوىّ النازحين داخلياً، فضلاًعن؛ الذين عبروا إلى تشاد، وفي حين أن دارفور مدرجة بالفعل على جدول أعمال مجلس الأمن، إلا أن المجلس لم يعالج القضية بشكل نشط، ويرجع ذلك بشكل جزئي إلى معوقات بعض أعضائه المستمره، مفضلاً؛ أن تكون جهود وقف إطلاق النار الإقليمية والثنائية يكون لها الأسباقية!!، وهو نهج سياسي فاشل لم يفعل شيئاً حتى الآن لوقف الدمار وسوء المعاملة.
من هنا أقول: إن من يتحمل المسؤولية كاملةً عن كل ما يحدث الآن في السودان هو مجلس الأمن الدولي، وعن التعامل مع السلام والأمن في جميع أنحاء العالم، لذا؛ أجدد مطالبتي لمجلس الآمن الذي إعتاد على خزي الشعوب أن يجعل ما يحدث في السودان على جدول أعملة، ويجب أن يبدأ أعضاء مجلس الأمن بالتعريف العلني وإدانة أولئك الذين لا يحترمون حظر الأسلحة الحالي المفروض على دارفور وكافة مدن السودان، وتطبيق عقوبات صارمة ومحددة الهدف ضد المسؤولين عن جميع الإنتهاكات الجسيمة والمستمرة في البلاد، بما في ذلك العنف الجنسي الذي أستشرىّ مؤخراً هناك، وأولئك الذين يعيقون وصول المساعدات الإنسانية بأمان ودون عوائق في جميع أنحاء البلاد وخاصةً دارفور.
وعلى أعضاء مجلس الأمن أن يدعموا بنشاط عمل المحكمة الجنائية الدولية في دارفور بعد إعلان المدعي العام أن مكتبه يحقق في الفظائع الأخيرة فيها، وبالنظر إلى مسؤولية المجلس عن الإنسحاب المبكر لقوات حفظ السلام من دارفور في أواخر عام 2020 يجب التحقيق فبها، كما يجب على المجلس النظر في تكثيف حماية المدنيين هناك في الوقت الحالي، ويجب أن تبدأ بمطالبة الأمين العام للأمم المتحدة بتقديم تقرير في غضون 45 يوماً على الأكثر حول الخيارات بشأن ما يمكن لبعثة الأمم المتحدة الحالية في السودان “UNITAMS”، والقيام به لحماية المدنيين، وذكر ما هي الخيارات الأخرى ّالتي يمكن للأمم المتحدة طرحها؟.
ويجب أيضاً على مجلس الآمن الدولي دعوة الناجين من دارفور وغيرها من المدن السودانية، وأفراد المجتمع الذين تم إستبعادهم من القرارات المركزية لوجودهم، للمشاركة في مناقشاته، كما يجب على الجامعة العربية بدور ممثال وفعال يرتقي بقيمة الدول العربيه وشعوبها، لتعزيز دور المجلس ودفعة قدماً لتفادي دولة السودان الشقيقة من الدمار الشامل، ووقف القتال بشكل كامل دون شروط من طرفي النزاع،
فإن تدمير بلدة أخرىّ في غرب دارفور مؤخراً يعُد تذكير صارخ وواصح بأن قوات الدعم السريع، والميليشيات المتحالفة معها لا تتورع عن مهاجمة السكان المدنيين، ويجب ألا يظل مجلس الأمن والجامعة العربية معاً مجرد متفرجين فقط، فهل نرىّ في الأيام القادمة عرقلة قدرة الأطراف المتحاربة على إرتكاب المزيد من الإنتهاكات وألحاق الآذىّ بالمدنيين؟، وهل نشاهد محاسبة المسؤولين عن تلك الإنتهاكات الجسيمة؟.
وختاماً: فمع إشتداد المعارك وإتساع رقعة الحرب في دولة السودان الشقيقة بين القوات المسلحة، وقوات الدعم السريع، لا تزال النساء هن الأكثر عرضة لمختلف الإنتهاكات بسبب هذه الحرب، وفقاً لما ذكره حقوقيون ومراقبون، ومصادر موثوقة لنا، فضلاًعن؛ ما تداولة ناشطون على منصات التواصل الإجتماعي، وتحديداً مجموعة تطلق على نفسها أسم “مفقود” على موقع التواصل الإجتماعي”فيسبوك”، لصوراً مرفقة بالعديد من الأرقام للإعلان عن فقدان نساء في عدد من الأحياء السكنية في مدن عواصم السودان الثلاثة، وخاصةً مدينتي”أم درمان وبحري” إلى جانب ولايات أخرىّ، مثل ولايات في دارفور غربي البلاد.
وذكرت بعض التقارير من خلال التحقيقات المستمرة وأبرزها تقرير مبادرة “لا لقهر النساء” أن عدد المختطفات من الخرطوم بلغ حتى الآن 26 فتاة، إضافةً إلى تسجيل حالات إختطاف أخرىّ في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، دون أي تفاصيل أخرىّ حول أعمار المختطفات، أو ملابسات وظروف احتجازهن،
وأشارت: المبادرة أيضاً إلى إختطاف”13″ إمرأة أخرىّ من ولاية غرب دارفور في منطقة كاس، وفي نفس السياق ذكرت؛ هيئة محامي دارفور عن وجود نساء مختفيات قسرياً، وأكدت: أنها لديها معلومات متواترة تتحدث عن نساء تم إختطافهن، أو إحتجازهن من قِبل جهات متعددة، وأن الدلائل جميعها تشير؛ إلى أن الذين يمارسون هذه الجرائم يرتدون زي قوات الدعم السريع، على حد وصفها.