متابعة: محمد جمعه الشافعي
إن السلطة الفلسطينية “تفتقر إلى الشرعية الشعبية” بسبب مزاعم كثرت أقويلها في الأيام الأخيرة من فساد إستشرىّ في مفاصل مؤسساتها، فضلاًعن؛ سوء الحكم، وعدم الإستعداد لإجراء إنتخابات، وغياب أي رؤية أو إنجازات سياسية حقيقية، تجاه إسرائيل بإعتبارها ترسيخاً للفصل العنصري، وهذا لا يتلائم مع براعة المقاومة وصمودها في وجه العدو المحتل، والذي إعترف بها الجانب الإسرائيلي على الملأ في تسريبات تناولتها بعض الصحف الغربية، والعربية تؤكد: الفشل الذريع لقوات الإحتلال الإسرائيلي، والذي وصفها العقيد”آفيف باروج” قائد عملية البيت والحديقة في مدينة”جنين”بأن الدخول إلى «جنين»هو درب من دروب الجنون!، وبراعة وصمود المقاومة الفلسطينية أصابتة بالجنون.
وعنونة الصحف الغربية على صفحاتها الرئيسية«لماذا يشكل عباس الضعيف خطورة على إسرائيل؟»، وجاء في بداية تفاصيله إنه بدون سلطة فلسطينية قوية ومحترمة، لن تحقق إسرائيل أهدافها الدبلوماسية الطموحة أو تعيد الأمن، في إشارة إلى ضعف السلطة الفلسطينة بقيادة “محمود عباس” ليس على القضية الفلسطينية فقط بل وعلى تحقيق أهداف وطموحات قوات الإحتلال الإسرائيلي، وأصبح”عباس” فاقد الشرعية الشعبية وفق ما نشر على الصحف.
وجاء هذا عقب الفشل الذريع الذي لحق بقوات الإحتلال التي نفذت منذ أيام قليلة أكبر عملية عسكرية لها في الضفة الغربية منذ ذروة الإنتفاضة الثانية بين عامي 2002، و 2004 لبعض الوقت الآن، وأصبحت “جنين” ، إلى جانب مناطق أخرىّ في الضفة الغربية”كـ”منطقة أمن السلطة الفلسطينية فيها، القوات الإسرائيلية تختار عدم المغامرة، أو إن صح التعبير عجزت في تحقيق أهدافها أمام مقاومة شرسة وأبدعت في مقاومتها، وهذا ليس بالأخبار السارة للسلطة الفلسطينية التي فقدت شرعيتها الشعبية أو لإسرائيل التي فشلت أمام مقاومة،
تُقاتل بعقيدة وهذا يعُد أعظم قتالاً شرساً، على النقيض لمن يقاتل وهو على يقين بأنه محتل ومغتصب للإراضي.
وألفت: إلى ما قالتةُ الصحف الغربية، إنه مع ضعف السلطة الفلسطينية، نشأ فراغ في الضفة الغربية، وسارعت إيران وحماس والجهاد الإسلامي لملئها بالمال والسلاح والمتفجرات، ومن غير المرجح أن تغير العملية الإسرائيلية التي حاولت فيها وفشلت، هذا الواقع في الضفة الغربية، وحتى قادة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية يقرون بأنه بدون إعادة تأكيد قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، فإن أقصىّ ما ستشتريه هذه العملية هو بضعة أشهر، وفق ماجاء على الصحف.
كما ألفت: في مقالي إلى أن المشكلة الأعمق بالنسبة لـ”إسرائيل” والتي تعتبر الشماعه التي تعلق عليها فشلها، وهي مزاعم ضعف السلطة الفلسطينية، التي تفتقر إلى الشرعية الشعبية للأسباب العديدة التي تم ذكرها ، فضلاًعن؛ النظام السياسي المتصلب كما زعم، الذي يمنع أي تقدم للقادة الشباب المحتملين، وغياب أي من القادة المحتملين الشباب، ورؤية أي إنجازات سياسية حقيقية تجاه الإسرائيليين،
وإن العمليات الإسرائيلية مثل هذه تزيد من إضعافها، وتبرز عدم أهميتها.
ولكن يجب ألا تكون هناك أوهام: فحقيقة الوضع المتدهور في الضفة الغربية هدد الصفقة المزعومة بشكل مباشر بين السعوديين والإسرائيليين، وأن
مستوىّ العنف آخذ في الإرتفاع، وما يقوم به الفلسطينيون بتنفيذ العديد من الهجمات ضد الإسرائيليين، ويتم دفع قوات الأمن الإسرائيلية إلى تنفيذ عمليات مثل تلك في”جنين” يعتبر رد طبيعي من الفلسطينين”نعم”، لقد أدت إعلانات الإستيطان الإستفزازية والتي تحدت فيها حكومة “نتنياهو” القانون الدولي، ومجلس الأمن وكافة المواثيق والأعراف الدولية، فضلاًعن؛ المذابح التي قام بها المستوطنون المتطرفون ضد القرىّ الفلسطينية إلى تفاقم الوضع بشكل كبير، وجعل السلطة الفلسطينية تبدو غير ذات صلة، ويتم تغذية هذه الأعمال ودعمها من قبل أولئك المتطرفون الموجودين في إسرائيل، بمن فيهم وزراء الحكومة مثل بتسلئيل سموتريش، وإيتامار بن غفير وغيرهم.
وأشير: في مقالي إلى التقرير الصادر عن العقيد”آفيف باروخ” قائد عملية البيت والحديقة في مدينة جنين، إلى وزير الحرب الإسرائيلي الجنرال “يوآف غلانات”، المُسرب “لـ” صحيفة يدعوت أحرنوت ونشرتة بعض الصحف
وكان أبرز ما جاء في التقرير،
سيدي الجنرال يوآف غالانات وزير الحرب الإسرائيلي
بصفتي القائد الميداني لعملية البيت والحديقة
العقيد في وحدة دوڤدڤان “آفيف باروخ ”
فأنني أرفض تماماً أن يتم نسب الفشل للقوات العاملة في الميدان فقط، وأرىّ من حيث الوقائع التي عشناها داخل العملية بأن الفشل يلحقنا جميعاً لعدة أسباب أهمها
المعلومات الإستخبارية التي وصلتنا قبل العملية.
حول طبيعة المقاتلين هناك حيث تم تشخيص المقاتلين بأنهم عديمي خبرة ميدانية في المعارك، وأنهم غير منظمون وأن أغلبهم مواليد ما بعد العام 2002، هي معلومات غير صحيحة إطلاقاً، والصحيح منها فقط هو تواريخ الميلاد
أما عن ما لقيناه على الأرض أثناء العملية، فأنهم مقاتلون مدربون جيداً مستعدون جيداً منظمون جداً يظهرون من العدم يطلقون النار علينا ويختفون في العدم مرة أخرىّ، كأنهم جزء من حجارة الأرض، يشبهون البرق الذي يظهر فجأة ويختفي كأنهم خاضوا ثلاثة حروب عصابات، ومعارك عديدة يحترفون القنص ورصاصهم يُصيب الرؤوس كأنهم دربوا الرصاص على ذلك
كما أنهم مقاتلين عقائديون وهذا ما يخشاه أي جيش
أولئك المقاتلون الذين يذهبون للموت كما يذهبون لشرب الماء.
بأسلوب حرب العصابات
وكان المكان هناك ينتمي إليهم وكان يلفظنا كغرباء
لقد قاتل كل شيء معهم الأرض، المنازل، الشوارع
لذلك هدمنا البيوت وحفرنا الشوارع ولكن لا مناص
كانت المعلومات سيدي الجنرال لا تصف الواقع الحقيقي لقد القيتم بالقوات إلى مصيدة تجهلونها،
وعن تجهيزاتهم، قلتم لنا أن سلاح الجو قصف البنية التحتية التي يصنعون من خلالها القنابل المتفجرة وقلتم لنا أنها مجرد مواسير بدائية متفجرة ولكن الحقيقة على الأرض مختلفة، ويتعدى الموضوع كونها بدائية، بل أنها قادرة على إعطاب المركبات المصفحة وحصد الأرواح لم تكن مجرد مواسير أو أنهم حولوا المواسير لمواسير عزرائيل.
متواصلاً: كما أننا أكتشفنا وجود أنفاق هناك في المخيم وكانت صدمتنا هناك بالغة، لقد عملتُ سابقاً في غزة، وأفهم طبيعة أن يكون هناك أنفاق فنحن لسنا على الأرض هناك، وكما أن طبيعة الأرض طينية ومن المنطقي أن يكون هناك حفر كما من المنطقي أن يكون في فيتنام أنفاق لطبيعة الأرض
لكن الجنون في “جنين” لا يعرف المستحيل، لقد حفروا الصخر سيدي الجنرال، هذا شيء مجنون وغير متوقع
وقفت على عين النفق، وأنا مذهول منهم، كيف حفروا الصخر بمعدات بدائية كهذه، لكنني تذكرت أنهم “جنين” وأنهم حفروا في جلبوع قبل فترة بإستخدام أدوات الطعام ففهمتُ العبرة.
ولكن ما أود أن أشير؛ إليه سيدي الجنرال أنهم حفروا بدون عوازل صوت وبمعدات شبه بدائية ونحن من أكتشفنا ذلك فأين كانت أعينكم وآذانكم قبل أن ترسلونا إلى نار المخيم ؟ ، وها أنا بأكدها مية بالمية وأعلم أن حديثي في هذه النقطة لربما يحيلني إلى التقاعد، ولفحص سلامتي العقلية لكنني لست وحدي فقد شاهد الجنود ما شاهدته
في البداية شاهد أحد جنودي الطبيب عبدالله ابو التين، وهو يحاول قنصنا من أحد البنايات في المخيم فقلت في رأسي أن الجنود يهذون الآن تحت الضغط ثم شعرت أنا شخصياً بوجود “محمود طوالبة في المكان، وأنا لم آره لكنني عشت كمائنه مرة أخرى، كل شيئ كان يحمل بصمته، نوافذ مُلغمة أبواب مُلغمة بيوت مُلغمة من يفعل هذا سواه ؟ ،
هل نحن متأكدون أننا قمنا بتصفيته في العام 2002 ؟ ،
أم أنه درب الأطفال بعد تصفيته ؟ علينا التأكد سيدي الجنرال.
كما أن علينا التأكد من مقبرة الأرقام لأنني أعتقد أن “جميل العموري، وداوود زبيدي” قد هربوا من قبورهم هناك
لقد رأيتهم، حين أقتحمنا منزل زكريا رأيت داوود ينظر إلينا ويضحك من أحد النوافذ فقلت هذا وهم ثم ظهر فجأة جميل العموري أمامي وأطلق النار واختفى ثم شاهدتهم في الأزقة يطلقون النار علينا، ويضحكون
هدمنا الجدارن بحثاً عنهم، حفرنا الشوارع لكي نقبض عليهم مرة أخرىّ لكنني رأيتهم يأتون من السماء ولم يكن هناك خلاص أرجوكم تأكدوا ؛ مما يحصل هناك في مقبرة الأرقام فلربما حفروا نفقاً من هناك إلى جنين وعادوا
أعرف أنكم ستقولون في القيادة أن هذا جنون
لكنها جملتي الأخيرة لكم أن الدخول إلى مخيم جنين هو درب من دروب الجنون، كان هذا أبرز ماجاء في التقرير.
كما أشير؛ في مقالي إلى زيارة الوفد الأوروبي أول أمس السبت “لـ” جنين عقب العدوان الكبير ،والأمم المتحدة ترفض التراجع عن إدانة إسرائيل، بعد إستخدامها المفرط للقوة في مخيم “جنين” للاجئين شمالي الضفة الغربية المحتلة،
ودعا سفير “إسرائيل “لدىّ الأمم المتحدة،”جلعاد إردان” غوتيريش إلى التراجع عن إدانة إسرائيل بعد الإستخدام المفرط للقوة من قبل جيش الإحتلال الإسرائيلي في مخيم جنين، وقال” فرحان حق” نائب المتحدث الرسمي بأسم الأمم المتحدة، للصحفيين خلال مؤتمر صحفي عُقد في وقت لاحق نيويورك، ردّاً على سؤال بشأن التراجع عن إدانة إسرائيل، إن الأمين العام للمنظمة الدولية “أنطونيو غوتيريش ” يدين بوضوح كل العنف الذي يؤثر في المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة بغض النظر عمن هو الجاني.
وأتساءل : هنا لماذا لم تجر أي إنتخابات للسلطة الفلسطينية منذ عام “2006”؟، والرئيس “محمود عباس” في العام الثامن عشر من ولاية مدتها “4” سنوات!، ولماذا نتشر الفوضى في جميع أنحاء المناطق إلى حد كبير خوفاً من البديل؟، فبعيداً عن أن هناك القليل جداً من الضغط المستمر على عباس من قبل القادة الأمريكيين، أو الأوروبيين المانحين الرئيسيين للفلسطينيين لابد من تغيير المساره السياسي لتقوية المقاومة وتعزيز المسارات الساعية لحل الدولتين، فما زال حوالي 84% من الجمهور الفلسطيني يعتقدون أن السلطة الفلسطينية فاسدة، وأكثر من 80% يريدون لـ”عباس” أن يستقيل، والشعب الفلسطيني أصبح معزول تماماً عن السلطة الفلسطينية لدرجة أن 63 % يعتقدون أن السلطة الفلسطينية عبأ على الشعب الفلسطيني، وفق لإستطلاع رأي.
وأختم: مقالي وأقول إنه ومن الضروري وقف الأعمال الإستفزازية الإسرائيلية، وخاصةً من المستوطنين الذين يحرقون المنازل، والممتلكات في القرىّ الفلسطينية، وإنه ليس عملاً إجرامياً فحسب، ولكنه يجعل الإسرائيليين أقل أماناً، حيثُ يتعين على جيش الدفاع الإسرائيلي تحويل القوات عن منع الهجمات، وحماية الإسرائيليين لمنع المستوطنين، وغيرهم من المتطرفين من تهديد الفلسطينيين في منازلهم وقراهم، وعلاوة على ذلك، فإن هذه الهجمات تقلل من أي موقف تحتفظ به السلطة الفلسطينية حتى في الوقت الذي تدفع فيه أيضاً الرغبة في الإنتقام من الإسرائيليين، وبالطبع فإن الهجمات الإنتقامية من جانب واحد توفر مبرراً لرد من الجانب الآخر.
وأدعوا المجتمع الدولي، ولا سيما الدول العربية بحث إسرائيل على وقف الإعلانات عن المستوطنات الجديدة، والكف عن إضفاء الشرعية على البؤر الإستيطانية غير المصرح بها، ومنع المذابح ومعاقبة المسؤولين عنها، ومنع إعادة توطين مستوطنة حومش التي فككها رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق “أرييل شارون” كجزء من إلتزامه للولايات المتحدة،
لأن مثل هذه الخطوات من شأنها أن تبني سلطة فلسطينية جديدة تظهر بشكل متوافق ومتواكب مع تطلعات الشعب الفلسطيني، وتقوم بالتنفيذ ويمنح السلطة الوزن والمصداقية لحمل قوات الأمن على العمل، لأنها ستعمل لصالح سلطة فلسطينية تستحق التطوير والحماية،
ولن يحدث أي من هذا من تلقاء نفسه، سيتطلب ذلك جهداً دبلوماسياً مكثفاً من الدول العربية الرئيسية ورئيس الوزراء الإسرائيلي”بنيامين نتنياهو”.