متابعة: محمد جمعه الشافعي
أقول في بداية المقال: إنه لا ينبغي تحت أي ظرف من الظروف، أن يكون المدنيون وقوداً لأي حرب في أي وقت، ويجب على جميع الأطراف دون إستثناء الإلتزام الصارم بالقانون الإنساني الدولي،
وإلا فإن البشرية سوف تنحدر إلى العصر الحجري، وتصريحات
“يوآف غالانت” وزير الدفاع الإسرائيلي، والرئيس الأمريكي”جوبايدن” جميعها مقززة وتدعو لإرتكاب جرائم حرب
“إبادة جماعية” لـ المدنيين الفلسطينيين العزل،
وينبغي على المجتمع الدولي والدول العربية ومجلس الأمن واللجنة الدولية للصليب الأحمر أن يتخذوا على الفور الإجراءات اللازمة لوقف هذا التصعيد الهمجي من قبل قوات المحتل الإسرائيلي،
ويجب على المحكمة الجنائية الدولية التي تحقق حالياً في إحتمال إرتكاب جرائم حرب سابقة في الأراضي الفلسطينية المحتلة،
أن تسرع أيضاً في إستكمال تحقيقاتها.
وأن حرمان سكان غزة في أرضهُ المحتلة من الغذاء والكهرباء،
والماء يشكل عقاباً جماعياً مرفوض، وأن هذا النوع من الإجراءات التي تعد إستقواء من الطرف المغتصب للأراضي فضلاًعن؛
أنه يُشكل جريمة حرب مثلهُ مثل إستخدام التجويع سلاحاً للحرب، وعلى المحكمة الجنائية الدولية أخذ العلم بهذه الدعوة إلى إرتكاب جريمة إبادة جماعية”جريمة حرب” مكتملة الأركان،
وأن الإستمرار في تجاهل الإستفزازات من جانب الإحتلال والإنتهاكات المستمرة والمتكررة على مدار عقود، والتحيز الأمريكي
بشكل كامل لإسرائيل ساهمت في إستمرار الهجمات غير القانونية، والقمع المنهجي الذي عم المنطقة على مدىّ عقود،
طالما يتم تجاهل حقوق الإنسان والمساءلة وأصبحت إزدواجية المعايير من قبل الغرب نهج سياسي يتصدر المشهد.
ومن هنا تأتي التساؤلات لماذا تمكنت حماس من تنفيذ هجومها؟، جزء مهم من السبب كان “الغطرسة” التي إعتمدت عليها حكومة”نتنياهو” المتطرفة، وإعتقادها بأن القوة المطلقة يمكن أن تردع حماس،
وأن إسرائيل لا يتعين عليها معالجة المشاكل طويلة الأمد، «لماذا هاجمت حماس ولماذا أخذت إسرائيل على حين غرة؟»،
كان هذا الهجوم بمثابة فشل كامل للنظام من جانب إسرائيل،
ولقد إعتاد الإسرائيليون على أن يكونوا قادرين على معرفة ما يفعله الفلسطينيون بالضبط، وبالتفصيل،
من خلال وسائل التجسس المتطورة لديهم، ولقد قاموا ببناء جداراً مكلفاً للغاية بين غزة والمجتمعات الواقعة على الجانب الإسرائيلي من الحدود، ولقد كانوا واثقين من أن حماس قد تم ردعها عن شن هجوم كبير!! فلن يجرؤوا على ذلك، لأنهم سوف يُسحقون،
ولأن الفلسطينيين سوف ينقلبون ضد حماس لأنها ستتسبب في حرب أخرى لهم.
وكان الإسرائيليون يعتقدون أن حماس أصبحت في وضع مختلف الآن، فهي تركز على وقف إطلاق النار طويل الأمد، حيث يستفيد كل جانب من ترتيبات “عش ودع غيرك يعيش”، ويذهب الآلاف من العمال الفلسطينيين إلى إسرائيل كل يوم من غزة، وهذا يعود بالنفع على الإقتصاد ويدر إيرادات ضريبية، لكن أتضح لبعض المحللين الغربيين ضيق الأفق أن هذا كله كان خداعاً كبيراً من المقاومة الفلسطينية ونحن نقول ليس خداعاً كما زعموا، ولكن الهجوم سببه، أن حكومة”نتنياهو” اليمينية المتطرفة إستمرت في نكرها للقانون الدولي، والإستمرار في الإنتهاكات المفرطة ضد الشعب الفلسطيني دون محاسبة، فضلاًعن؛ الغطرسة التي إستحوذت على الحكومة الفاشلة وجيشها الهش، والذي كشفته على حقيقتهُ أمام العالم بأسره معركة “طوفان الأقصى” ولذلك يشعر المجتمع الإسرائيلي والغربي أيضاً بالصدمة، وأصبح هناك شعور لدىّ الجميع كيف يمكن لمجموعة من المقاومة بأسلحة بدائية، أن تتمكن من تحقيق هذا؟.
وكيف يمكن أن يتمكنوا من التغلب على مجتمع الإستخبارات الإسرائيلي القوي، وقوات الدفاع الإسرائيلية الجبارة، والجميع لا يملك إجابات جيدة حتى الآن، ولكنني متأكد؛ من أن جزءً من السبب كان الغطرسة، وإعتقاد إسرائيلي بأن القوة المطلقة يمكن أن تردع حماس، وأن إسرائيل لم تكن مضطرة إلى معالجة المشاكل طويلة الأمد، وأصبحت التساؤلات تتصدر المشهد حتى الإن، لماذا تختار حماس تنفيذ هذا النوع من الهجمات في الوقت الحالي؟ ماذا كان المنطق الإستراتيجي؟، وأصبحت معركة “طوفان الأقصى” حديث المجتمع الإسرائيلي والغربي والعالم بأسره في نفس الوقت، والجميع مازال في ذهول، من كسر رئيس الوزراء المتغطرس “نتنياهو” للجيش بهزيمة مُذلة لن يرد إعتبارها التصعيد الهمجي الذي يقوم به الآن ضد المدنيين العزل، ولا حتى سياسة العقاب الجماعي.
وهناك عدة إستنتاجات يمكن إستخلاصها بالفعل من الأيام الأولىّ لـ “عملية طوفان الأقصى” الأول: واضح بذاته لقد كان هذا فشلاً إستخباراتياً هائلاً لإسرائيل، وحقيقة أن ذلك جاء فعلياً بالتزامن مع الذكرىّ الـ50 لإنتصارات 6 أكتوبر والمسمى بـ “يوم الغفران” بالنسبة للإحتلال وهي أيضاً فشل إستخباراتي مُذل ومهين، وإن تقييم المسؤولية عن هذا الفشل يجب أن ينتظر إلى ما بعد الحرب، وكما حدث في عام 1973، يبدو أنه كان فشلاً في الإعتقاد بأن العدو سيتحرك، لذلك تم تجاهل المعلومات الإستخبارية، ورغم أن النجاح المبكر الذي حققتهُ مصر في حرب أكتوبر 1973، أدىّ إلى تغيير ديناميكية الصراع العربي الإسرائيلي، إلا أن مبادرة السلام الجريئة من جانب حماس ليس من المرجح.
الإستنتاج الثاني: لقد خلقت معركة “طوفان الأقصى” نموذجاً جديداً بشكل كبير، لقد جلبت حماس القتال إلى داخل إسرائيل، عن طريق البر والجو والبحر والصواريخ، والقتال البري في إسرائيل، وهذا خلق تحولاً زلزالياً، وتم إختراق دفاعات إسرائيل المتباهى بها، وتعرض جدارها عالي التقنية الذي تبلغ تكلفتهُ مليار دولار لتجاوزة وإنتهاكات متعددة، وحتى بعد مرور 48 ساعة، لم تكن الحدود مؤمنة بالكامل وما زال أبطال المقاومة الفلسطينية يدخلون داخل إسرائيل، ولقد ألحقت المقاومة أضراراً جسيمة بالسكان المدنيين الإسرائيليين، وكذلك بالجيش والشرطة وبنفسيتهم، وأكثر من 2200 قتيل حتى الآن وما زال العدد في إرتفاع، فضلاًعن؛ عدة آلاف من الجرحى وعشرات الرهائن، وعدد غير معروف في تعداد المفقودين.
الإستنتاج الثالث: ولعلهُ الإستنتاج الأكثر أهمية هو أن المحفز السياسي لغزو حماس لم يكن إقتحام المستوطنين الإسرائيليين للحرم القدسي بالقرب من المسجد الأقصى في الأسبوع الماضي، بقدر ما كان ذلك عملاً دنيئا ومشيناً من وجهة نظر البعض، وإن إتساع نطاق عملية حماس وتوقيتها يوضح أنه تم التخطيط لها بشكل جيد منذ أشهر، رغم أن كان التطبيع الإسرائيلي السعودي يسير بسرعة نحو نهايتهُ، إلى جانب التعاون الدفاعي المحتمل، مع فوائد لجميع الأطراف، بما في ذلك الولايات المتحدة، بإستثناء الفلسطينيين، وسعت حماس إلى عرقلة عملية التطبيع، بمعركة “طوفان الأقصىّ” وجعلت المملكة العربية السعودية تنأىّ عن هذه الخطوة التي كانت تحظىّ بإهتمام أمريكي بالغ، وبترقب حذر من كافة الشعوب العربية والإسلامية أيضاً.
الإستنتاج الرابع: هو أن سيحاول المرشحون الرئاسيون الجمهوريون الأمريكيون خطأً إلقاء اللوم على”جو بايدن” في هذه الحرب الذي أكدت؛ فشل أمريكا في الشرق الأوسط، مما يدل على عدم فهم المنطقة وديناميكياتها، وقال: بعضهم إنه لقد قامت هذه الحرب لسببين، أولاً: كانت الفوضى في إسرائيل ناجمة عن محاولة الإنقلاب القضائي التي قام بها “نتنياهو”، والتي عارضتها غالبية البلاد، وهذا قد يطيح بحكومة “نتنياهو” المتغطرسة، التي كسرت جيشها وأطاحت بهيمنة الولايات المتحدة الواهية في الشرق الأوسط.
ثانياً: أصبح هواجس ومزاعم الولايات المتحدة والغرب كما تمت الإشارة إليه التصريحات الأمريكية والغربية الآخيرة، بأن إيران سعت إلى عرقلة التطبيع الإسرائيلي السعودي بدعمها التخطيط لـ معركة “طوفان الأقصىّ”!، ورغم أن عملية التطبيع السعودية تم الإطاحة بها الآن، إلا أن مازال الأمريكيين يقولون؛ إنها أمر لا مفر منه، ورغم أن المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وإسرائيل كلها أصبحت على المحك بعد “طوفان الأقصى”ولا يسع للولايات المتحدة الآن أن تأمل بـ “بَصيص من الأمل” أن تسود تلك المصالح الإستراتيجية مره آخرىّ، وهذا ما دفع الرئيس”جوبادين” بتصريحاتة الأخيرة المقززه نتيجة فشلة الذريع في الشرق الأوسط فضلاًعن؛ كشف المقاومة في معركة”طوفان الأقصى” لهشاشة جيش الإحتلال الذي كانت تتباها بعظمتةُ الإدارة الأمريكية.
وقال الرئيس الأمريكي “جوبايدن” في خطاب رخيص نابع عن فشلة المخزي خصصه لتأكيد: دعم بلاده لإسرائيل، وإنه أبلغ”بنيامين نتنياهو” رئيس حكومة الإحتلال الإسرائيلي بأنّ الردّ الإسرائيلي يجب أن يكون حاسماً، والذي يعُد تحريض واضح وعلى الملأ يرقىّ إلى مستوىّ جريمة حرب، وجريمة ضد الإنسانية وإبادة جماعية للشعب الفسلطيني ولاسيما قطاع غزه، من رئيس دولة تُزعم بأنها دولة عظمىّ وتنصب نفسها حارسه على الديمقراطية وحقوق الإنسان!!، وجاء حديث الرئيس الأمريكي المزعوم في وقت كثفت فيه المقاتلات الحربية الإسرائيلية غاراتها الجوية على مواقع وأبنية سكنية في قطاع غزة، حيث أسفر العدوان عن إستشهاد المئات من المدنيين العزل، وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية.
وبموجب التساؤلات عن أين حمرة الخجل يا “جو” أجرىّ “جوبايدن”مكالمة هاتفية مع قادة “فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة” لتنسيق دعمهم المشترك لإسرائيل، وقد صدر بيان مشترك عقب الاتّصال، وأعلنت فيه تلكُما الدول المُناسَقَة من أمريكا بمساعدة إسرائيل في “الدفاع عن نفسها، والذي سميا بـ”الإعلان الخماسي” المقزز،
وأعربت الدول الغربية المذكورة عن دعمها الثابت والموحد لتل أبيب !، وأدانوا في الوقت نفسه بشكل قاطع ما سمّوها “أعمال حماس المروعة”، ووصف الكثير هذا الإعلان للدول الـ5، بإزدواجية المعايير والكيل بمكيالين الذي أعتادت عليه هذه الدول، فضلاًعن؛ قلبها للحقائق فالذي يجب أن يدافع عن نفسه وعن أرضة وعرضة وشعبه هي المقاومة والشعب الفلسطيني المغتصبة أراضية، وهو من يستحق كل الدعم المزعوم من دول تتحدث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وهم “طغاة العصر وعتاته”.
وأعلنت؛ واشنطن في وقت لاحق بدعم إسرائيل وحركت حاملة طائرات، وإعتبرت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” أن إعلان الولايات المتحدة تقديم مساعدة عسكرية إضافية إلى إسرائيل يمثل مشاركة فعلية في العدوان على الفلسطينيين، وقال: المتحدث بأسم الحركة “حازم قاسم” في بيان إن إعلان الولايات المتحدة إستقدام حاملة طائرات للمنطقة لدعم الإحتلال في عدوانه على شعبنا، هو مشاركة فعلية في العدوان على الشعب الفلسطيني، ومحاولة لترميم معنويات جيش الإحتلال المنهارة بعد هجوم كتائب القسام، وأضاف “قاسم” أن هذه التحركات لا تُخيف شعبنا ولا مقاومتهُ التي ستواصل دفاعها عن شعبنا ومقدساتنا في معركة “طوفان الأقصى.
وعلى صعيد أخر متصل؛ ترىّ “روسيا” أن هناك “خطراً كبيراً” لدخول طرف ثالث في الصراع بين إسرائيل وحماس في إشارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ورد الكرملين مساء أول أمس على تحرك مجموعة حاملة طائرات أمريكية بالقرب من إسرائيل، وقال: لوسائل الإعلام الرسمية الروسية، إنه يرىّ في هذا التحرك“خطراً كبيراً” لدخول طرف ثالث في الصراع بين الإحتلال الإسرائيلي وحركة حماس الفلسطينية، وأن هناك خطر كبير من أن تتورط أطراف ثالثة في الصراع، وقال: المتحدث بأسم الرئاسة الروسية “دميتري بيسكوف” لوكالة تاس الروسية للأنباء، من الضروري إيجاد سبل للتحرك نحو المفاوضات في أقرب وقت ممكن من أجل تخفيف التوترات والإبتعاد عن محاولات حل القضية بالوسائل العسكرية.
وألفت في مقالي إلى: أن الشرق الأوسط كان دائماً مكاناً تتشابك فيه مصالح عدد من الدول، ولم يكن لهذه الدول دائما ً تأثير إيجابي على الوضع في المنطقة!، وهناك توازن معقد للغاية في المصالح، فضلاًعن؛ أن التوازن بين حقوق الدول التي يجب إحترامها وأمنها الذي يجب ضمانهُ، ومن خلال متابعتنا عن كثب للصراع الجاري الآن بين المقاومة الفلسطينية التي تدافع عن حقها المشروع وبين قوات الإحتلال المغتصب للأراضي، نرىّ أن الوضع يتجه نحو مزيد من التصعيد، يتحريض واضح وفي العلن من الولايات المتحدة وشركاءها في “البيان الخماسي” المزعوم إلى إرتكاب جرائم حرب بحق للشعب الفلسطيني ضاربين بعرض الحائط القانون الدولي ونكرهم لكافة مواثيق الأمم المتحدة.
ويأتي مقالي هذا: في أعقاب التطورات الخطيرة الآخيرة، وخاصةً عقب إعلان وزير الدفاع” لويد أوستن” بأيام قليلة، أن المجموعة الهجومية لحاملة الطائرات الأمريكية فورد سيتم نقلها بالقرب من شرق البحر الأبيض المتوسط ”لتعزيز جهود الردع الإقليمية”، وتضم المجموعة الهجومية لحاملة طائرات فورد حاملة الطائرات الأمريكية” يو إس إس جيرالد آر فورد”، وهي حاملة الطائرات الأكثر تقدماً في البحرية الأمريكية، إلى جانب طرادات الصواريخ المتعددة ومدمرات الصواريخ، ونرىّ أن البنتاغون يتخذ أيضاً خطوات لتعزيز أسراب الطائرات المقاتلة التابعة للقوات الجوية الأمريكية في المنطقة، مع إحتفاظ الولايات المتحدة بقوات جاهزة أخرىّ في جميع أنحاء العالم لتعزيز تلك الموجودة في شرق البحر الأبيض المتوسط حسب الحاجة.