كتب : حمادة الشرقاوي
ميتا الصحفية:
رد”نبيل ابو الياسين” رئيس منظمة الحق الدولية لحقوق الإنسان، والباحث في الشأن العربي والدولي، في بيان صحفي صادر عنه
اليوم «الأثنين» على تصريحات رئيس الجزائر الأخيرة قطع العلاقات مع المغرب جاءت بديلاً للحرب قائلاً؛ إنه ومن خلال البحث في الشأن العربي، فقد لاحظت أن الصرعات العربية عبر المدىّ الزمني الممتد
منذُ بداية نشأة النظام الإقليمي العربي في أعقاب الحرب العالمية الثانية تبين أن العلاقات العربية العربية دائماً متأرجحة عبر الزمن بين طرفي النزاع، وتفسيري لهذه الظاهرة الممتدة حتى اليوم، أن
الصراعات العربية العربية فى أى مرحلة من المراحل لم تكن تُحَّل بشكل قاطع، وإنما كان يتم تهدئتها فقط، أو تسويتها تحت تأثير عامل أو أخر، وكان فى أغلب الأحوال يكون عاملاً خارجياً وليس عربياً،
ما يجعل محتوى الصراع ذاته يبقىّ كامناً، وقد ينفجر فى أى وقت.
وأضاف”أبوالياسين” أنه وبمجرد إختفاء العوامل التى أدت إلى التهدئة، أو ظهور عوامل جديدة تدفع للصراع، تبدأ الصراعات فى التصاعد من جديد حتى نصل إلى عامل تهدئة أو تسوية أخرىّ، وتظل الخلافات مستمرة، ولكن هذه المره نشاهد بعض الدول الخارجية
تُأجج الخلافات بين الجزائر، والمغرب بشكل غير مسبوق، وتساءلات لماذا تُترك الدول العربية الخلافات العربية العربية حتى تستفحل؟ ولماذا نفتقد الزعامة العربية الرشيدة والحكيمة التي تسعىّ جاهدة
بكل ماتملكة من وطنية عربية لحل أي خلافات بين الدول العربية وبعضها بشكل قاطع ؟، لغلق الطريق على التدخُّلات الخارجية التي لاتريد غير الدمار والخراب لدولنا العربية.
مضيفاً؛ هل تستمر جامعة الدول العربية في خذل الشعوب دولها، وتُترك الساحة للتدخلات الخارجية؟ التي تسعىّ لتأجيج الخلافات بين الدولتين الشقيتين على مرأ ومسمع من الجميع، علماً بأن
الخلافات والتوترات الثائرة، بين البلدي الشقيقتين لم تكون وليدة اللحظة بل مستمرة منذ إستقلال الجزائر فى عام 1962، رغم أن المغرب أدىّ دوراً مهماً فى دعم جبهة التحرير الجزائرية التى قادت النضال من أجل الإستقلال منذ أول نوفمبر 1954، وكانت تتخذ من
الأراضي المغربية المتاخمة للحدود مع الجزائر قواعد لها عند الضرورة، ولكن يبدو أن الخلافات الحدودية سرعان ما دبت بين البلدين عقب الإستقلال مباشرةً، ويعلم الجميع أن المغرب كان غير راضياً عن ترسيم الحدود مع الجزائر الذى تم إبان الإحتلال الفرنسى لها، وإتهمت المغرب فرنسا بمحاباة الجزائر فى هذا الصدد، وللأسف تركت قادة الدول
العربية هذا الخلاف حتى إستفحل يوماً بعد يوم حتىّ وصل إلى ما نحن عليه الأن، ولسان حال يقول هل إعتدنا على التدخلات الخارجية الواهية لحل مشاكلنا أم نفتقد عوامل الرشد والحكمة في أمتنا العربية.
كما أضاف؛ أنه وبرغم تسوية الخلافات بين البلدين «المغرب، الجزائر» سايقاً بعد الجهود التي بُذلت من كلاًمن؛جامعة الدول العربية، ومنظمة الوحدة الإفريقية آنذاك، وقد أفضت هذه الجهود إلى توقيع إتفاق لوقف إطلاق النار فى فبراير 1964، الذي بدأ في أكتوبر 1963، ولكن جذور المشكلة لم تُحَل حتى يومنا هذا، وإستغرب”أبوالياسين” من عجز جامعه الدول العربية التي أصبحت عاجزه بشكل كامل لا
مبالغ فيه عن حل الخلافات بين الدول العربية وبعضها!، متساءلاً؛ لماذا تم تأسيسها؟ مادمت قراراتها غير ملزمة؟ فقد أصبحت الشعوب العربية تفقد الثقه في آدائها لما رأتهُ من دمار بعض الدول العربية
ونزوح أغلب مواطنيها شرقاً وغربا وتقف عاجزه أمام كل هذا.
وقد شاهدنا مؤخراً رئيس جمهورية الجزائر “عبد المجيد تبون” في تصريحات متلفزة على إحدىّ الفضائيات يوم “الثلاثاء” الماضي وهو يقول؛ إن العلاقات مع المغرب وصلت إلى نقطة اللاعودة، ونأسف لوصولها إلى هذا المستوىّ، وتشهد علاقات البلدين توتراً منذ عقود
بسبب دعم الجزائر جبهة “بوليساريو” التي تطالب بإستقلال الصحراء الغربية، بينما تعتبرها المغرب جزءاً لا يتجزأ من أرضها، وتقترح منحها حكماً ذاتياً تحت سيادتها حلاً وحيداً للنزاع، في حين تطالب الجبهة المدعومة من الجزائر بإجراء إستفتاء لتقرير المصير بإشراف
الأمم المتحدة، وتقرر هذا عند توقيع إتفاق وقف إطلاق النار بين المملكة المغربية، والجبهة المدعومة من الجزائر في سبتمبر عام 1991.
وطالب”أبوالياسين”جميع الدول العربية، بعمل عربي مشترك بقيادة رئيس جمهورية مصر العربية “عبدالفتاح السيسي”، وملك المملكة الأردنية الهاشمية “عبدالله الثاني”للتدخل بشكل عاجل وفوري بكل
صدق ومصداقية، وبكل وطنية عربية دون دخول أي دولة خارجية لحل الخلافات بين المملكة المغربية، وجمهورية الجزائر الشقيقين،
فقد آن الأوان الآن؛ لتعزيز دور القيادة المصرية، والأردنية بمشاركة كافة قيادات الدول العربية، لحلحلة الأزمة الحالية بين تلكُما البلدين،
والتي تَكْمُنُ خُطُورَتُهُا في التدخلات الخارجية التي تُبدي في ظاهرها وسيط سلام وما تكنه هو عداء وكره دفين تُأجج من خلاله الخلافات.
وأشار”أبوالياسين” إلى أهمية الخلاف الجزائري المغربي لإسرائيل، حيثُ نرىّ أن نظرة دولة الإحتلال الصهيوني إلى الخلاف بين الدولتين الشقيقتين، بأنه فرصة لدفع المغرب نحو التطبيع بشكل كامل،
وإستعادة بناء المنصة الأمنية، والإستخبارية لها في منطقة شمال أفريقيا، بالإضافة إلى الضغط على الجزائر، ومعاقبتها على مواقفها الثابتة، والتاريخية المناصرة للقضية الفلسطينية، كما أنها تحاول أن تصنع نموذجاً للدول العربية والإسلامية الأخرىّ يُمكن أن يمثل لها
نموذجاً ناجحاً إقتصادياً، وأمنياً وعسكرياً للدول التي تطبّع علاقتها مع دولة إسرائيل المتغتصبة للأراضي الفلسطينية.
مشيراً؛ إلى أن إسرائيل ترىّ أهمية بالغه للتطبيع مع المغرب، على الرغم من الخلاف مع الجزائر لأن من وجهة نظرها الخبيثة هذا الأمر يخدم أهدافها الإستراتيجية، إذ يعزز مكانتها بأن تكون دولة طبيعية في المنطقة، وتكون أيضاً دولة مركزية تلجأ إليها الدول المحيطة
لتحصل على الرضا الأميركي، بجانب التطور التكنولوجي والإقتصادي والأمني، والعسكري لها لتحقيق أهدافها تجاه أفريقيا، إذ ترىّ أن التقارب الجديد والمزايا التي تمنح للمغرب في المجالين الأمني، والعسكري سيكون لهما مقابل، يتمثل بدعم عودة “إسرائيل” إلى القارة الأفريقية، وانضمامها إلى منظمة الوحدة الأفريقية بصفة عضو مراقب، خلال الفترة المقبلة، على الرغم من معارضة الجزائر.
كما أشار؛ إلى اللعبة الخبيثة التي تلعبها”إسرائيل” في المنطقة لتستفيد من خلافات الجزائر مع المغرب، وتجلت الإستفادة الإسرائيلية من التوتر السياسي والعسكري بين الدولتين الشقيقتين، في إبرام صفقة تزيد قيمتها عن مليار دولار مع المغرب لتزويدها بأنظمة دفاع جوي،
وقد شاهدنا على مدار السنوات الماضية أن “إسرائيل” دائماً تلعب على الخلافات العربية والإسلامية أيضاً، وإن لم تعمل على صناعة أغلبها، فقد عملت على تأجيجها وتعزيزها بشكل كبير.
وللأسف عندما وجدت الساحة العربية أمامها خالية مؤخراً، وجدت مساحة جيدة للعب على الخلافات الجزائرية المغربية القديمة، وباتت اليوم تعمل للإستفادة من هذا الخلافات سياسياً، وسبقهُ إقتصادياً وعسكرياً، عبر صفقات سلاح ضخمة أبرمتها مع الدار البيضاء، فيما تواصل قيادة “جيش” الإحتلال الإسرائيلي تعزيز العلاقات العسكرية،
عبر الإتفاقيات، والتدريبات المشتركة بينهما، التي تجسدت مؤخراً في زيارة شخصيات عسكرية إسرائيلية رفيعة المستوىّ آخرها كانت لـ”أفيف كوخافي” رئيس هيئة الأركان.
وفي سياق متصل أشار “أبوالياسين” إلى إستطلاع رأي أكثر من ” 90%” من المغربيين يتّهمون فرنسا بتأجيج الخلافات مع الجزائر، وهذا ما أكدتةُ: أغلبية المشاركين في إستطلاع رأي، أجرته جريدة “هسبريس” المغربية الإلكترونية، في يناير من العام الجاري،
بأنّ فرنسا تسعّر الخلافات بين المغرب والجزائر، وبحسب الإستطلاع، أيّد 89.64% من المشاركين فكرة مفادها أن فرنسا تؤجّج العلاقات المتوترة بين المغرب والجزائر، مشيراً؛ إلى أنّ نتائج الإستطلاع تُعَدّ
مؤشّراً على مدىّ وعي الشعب المغربي بالعلاقات الخارجية لبلدهم، وعلى رأسها فرنسا، التي تمارس الحياد السلبي في عدد من القضايا، وأبرزها قضية الصحراء المغربية.
ولفت” أبوالياسين: إلى الجانب الجزائري الذي ينظر إلى التقارب المغربي الإسرائيلي باِرْتِياب شديد وتوجّس، عبّرت عنه المستويات السياسية، إذ يرىّ السياسيون في الجزائر، أن بلادهم هي المستهدفة في أمنها وسيادتها، بزيارة وزير الأمن بيني غانتس، ومؤخراً رئيس
هيئة الأركان كوخافي، وعلى جانب أخر يرىّ الفلسطينيون أن ما تقوم به المملكة المغربية من تطبيع مع إسرائيل، ووصول الجانبين إلى التطبيع الأمني والعسكري بأنه يمثل خيانة عظمىّ للقضية الفلسطينية، ونضال الشعب الفلسطيني، كما يرون أن إلغاء حالة العداء بين الدول
العربية والإحتلال الإسرائيلي يصب بشكل مباشر في مصلحة الأخيرة، مهما كانت المبررات التي يمكن سياقها، فهذا الأمر يمثل إستعانة بالعدو على الأخ والشقيق قبل كل شيئ.
لافتاً؛ إلى أن هذا الحالة الخطيرة التي باتت تترنح وتشوه المنطقة العربية بأكملها فضلاًعن؛ إنها تهدد أمنها وإستقرارها سواء كان كلاماً أو أفعالاً، وتثير غضب جموع الشعوب العربية، والتي لم تلتفت إليها جامعة الدول العربية بشكل جادي رغم أنها تعي جيداً بأنة لا يمكن
القبول به، ليس من الجانب الفلسطيني فقط بل من الشعوب العربية بأكملها، ناهيك بكونها تعُد مساعدة للإحتلال الإسرائيلي وتقوية له،
وتحقيقاً لأهدافهُ الإستراتيجية في منطقة أفريقيا وشمالها، وبرغم أن يعُد أمراً خطيراً تجاه القضية الفلسطينية على الخصوص، إلا أنه توجد جملة من النشاطات الإسرائيلية، والمغربية تتوجس منها الجزائر وترىّ أنها تهديد لها ولسيادتها.
كما لفت؛ إلى أنة جاءت قطع علاقات الجزائر مع المغرب كبديل للحرب، وفق ما كشفة الرئيس الجزائري”عبد المجيد تبون” في حواره مع صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، وإستغرب”أبوالياسين” من الخلافات التي جاءت بعد إستقلال الجزائر “فـ” بالرغم من التأييد المغربى الصريح منذ بداية جهاد الجزائريين من أجل الإستقلال، نشبت هذه
الخلافات الحدودية بينهما، ووصلت إلى حد الصدام العسكرى المباشر في عام 1963، وإنتهى في عام 1964، وهو صدام لا نجد مثيلاً له حتى الآن من حيث أسبابه، وما كاد الخلاف الحدودى المغربى الجزائرى يُسَوّى أو تتم تهدئته، حتى ثارت قضية الصحراء فى
منتصف سبعينيات القرن الماضى، حيث يراها المغرب جزءاً لا يتجزأ من وحدته الترابية، بينما تنظر الجزائر لها كأي قضية تصفية إستعمار ينبغى اللجوء بصددها إلى تطبيق مبدأ حق تقرير المصير.
وأكد”أبوالياسين” على أن آفاق تسوية الخلاف المغربى الجزائرى فى الظروف الحالية تبدو “مُبْهَمٌا”، ومع ذلك؛ فإنه لا مفر من محاولة جميع قادة الدول العربية بإصلاح ذات البين، والضغط بكل الطرق
الدبلوماسية “الودية” سواء من قِبل دول محورية كـ”مصر، والاردن” أو من خلال الجامعة العربية، والبرلمان العربى، وأي جهات أخر معنية بهذا الشأن، من أجل وضع ملف المصالحة المغربية الجزائرية على
رأس جدول الإهتمامات العربية، وإبراز النتائج الإيجابية لمثل هذه المصالحة، لأنة لايجب أن يبقى الحال على ما هو عليه،
حتى إذا لم يكن حل الخلاف ممكناً فى الوقت الراهن، فعلى الأقل يتفق الطرفان على وقف التدهور فى العلاقات، لغلق
الطرق على التدخلات الخارجية التي دأبت على تأجيج وتعزير الخلافات العربية.