كتب: محمد جمعه الشافعي
ميتا الصحفية:
قال”نبيل أبو الياسين” الكاتب الحقوقي والباحث في الشأن العربي والدولي في بيان صحفي صادر عنه اليوم «الجمعة» للصحف والمواقع الإخبارية، إننا شاهدنا في العام الماضي، تَركز قدر كبير من إهتمام العالم على الغزو الروسي لأوكرانيا، فلماذ لانشاهد تركز قادة الدول العربية على الخصوص، والعالم على العموم لما يحصل في السودان؟ فالقتال الذي إندلع في السودان يجب أن يوقف قادة العالم أيضاً كما وقفه للغزو الروسي على أوكرانيا لأنهُ يهدد بأن تكون الأحدث في موجة الحروب المدمرة في إفريقيا والشرق الأوسط وباقي
المنطقة.
وأضاف”أبوالياسين” أنه حتى الآن لانرىّ أي مبرر للتراخي الأممي والأمريكي، ونتساءل ما الذي يمكن للولايات المتحدة الأمريكية فعله لمساعدة السودان؟، ولماذا لا تستهدف إدارة “جوبايدن” على سبيل المثال الشبكات المالية التي تمكّن القوات العسكرية، وشبه العسكرية السودانية من مواصلة قصف المدنيين السودانيين؟، فهل يوجد أمر تنفيذي ولكن لم يتم تنفيذه؟ أم المخطط هوا التحرك بعد تدمير السودان بالكامل؟ كما حصل في عدة دول شقيقة لها من قبل.
مضيفاً؛ أنه يتصاعد الصراع في السودان بسرعة وبشكل غير مسبوق، عحيث قتل بالفعل حتى الآن مايقرب من 1000 شخص، وبعض التقديرات تصل إلى 2000 شخص في غرب دارفور وحدها، وأجبر ما يقرب من مليون شخص على الفرار من ديارهم كل ذلك على يد الجنرالات المتسارعة في الإقتتال، وإحْتِدام الصراع على السلطة بين “عبد الفتاح البرهان” ، قائد القوات المسلحة السودانية ، وحليفه السابق “محمد حمدان دقلو ، أو “حميدتي” ، على رأس مجموعة قوات الدعم السريع شبه العسكرية، ولا نرىّ رداً حاسماً من المجتمع الدولي على تصاعد الموت والدمار الذي لحق بدولة السودان الشقيقة.
كما أضاف؛ وأذنت إدارة “جوبايدن” بفرض عقوبات على الأفراد، والكيانات التي تزعزع إستقرار السودان و “تقوض” إنتقاله الديمقراطي، ولكن الأمر التنفيذي الصادر في وقت سابق من هذا الشهر لا يزال مجرد كلام فقط، وإلى أن يتم تنفيذه وإستهداف منفذي الحرب الرئيسيين وشبكاتهم المالية، ستواصل الولايات المتحدة سياستها الفاشلة بشأن السودان!، وقد صاغت إدارة بايدن النسخة الأولية من الأمر التنفيذي بعد إنقلاب أكتوبر 2021 في السودان، والذي عزز السلطة في أيدي الجنرالات العسكريين، مما أدىّ إلى قطع التحول الديمقراطي في السودان، ولكن الإدارة لم تفرج عنه أبداً لتجنب تعكير صفو “البرهان وحميدتي”!، وكان هذا القرار يعني الإيمان الأعمىّ بالجنرالين لحل خلافاتهما والدخول في ديمقراطية سلمية، على الرغم من تاريخهما الممتد على مدىّ عقدين من الزمن في إرتكاب الجرائم والفظائع التي ترقى إلى جرائم الحرب مع الإفلات من العقاب في السودان.
متواصلاً؛ وعلى الرغم من كل هذا الفظائع والدمار الذي لحق بدولة السودان، لم تفرض الولايات المتحدة سوىّ عقوبات على كيان سوداني واحد منذ الإنقلاب، وهي وحدة شرطة منخفضة المستوىّ في وقت سابق تسمىّ شرطة الإحتياط المركزية السودانية لإستخدامها القوة المفرطة ضد المتظاهرين، وهذا يعُد تناقض صارخ مع ما يقرب من “3000” فرد أو كيان روسي تخضع لعقوبات أمريكية حالياً منذ غزو روسيا لأوكرانيا!، وكان من الممكن لإدارة “بايدن” أن تفعل المزيد والمزيد من خلال تتبع الشبكات المالية التي تدعم الصراع الحالي، وإستهدافها بشكل مباشر، وتطبيقها بالتساوي والحيادية على جميع الأطراف المتورطة في العنف المستمر، ويمكنهم فرض تغيير في حسابات البرهان وحميدتي، وعزلهم، عن التدفقات المالية التي تمول الحرب، إلا أن جميع المؤشرات تقول؛ إن الإدارة الأمريكية هيا من قامت بتلميع”حميدتي” فضلاًعن؛ إنها وبمشاركة أخرين صنعوا الخلافات في السودان وقاموا على تأجيجها، حتى وصل الآمر إلى ما هو علية الآن.
وأشار”أبوالياسين” إلى تصريحة الصحفي الصادر عنه في 2 مايو العام الجاري 2023، والذي حمل عنوان «نبيل أبوالياسين: يحذر بشدة من إنتشار المواجهات العرقية في السودان»، وحذر فيه آنذاك؛ من مَغَبَّةِ الصراع في السودان فقد يمكن أن يتدهور إلى واحدة من أسوأ الحروب الأهلية في العالم إذا لم يتم وقفها مبكراً، وتغليب المصلحة الوطن على المصالح الشخصية «ضيقة الأفق وقصيرة النظر»، فضلاًعن؛ أن هذا الصراع قد يتحول إلى أزمة أسوء وأكبر من أزمة اليمن وسوريا وذكر حينها عدد القُتلى وكان حينها ما يقرب من “528”شخص وأصابة ”4600”، وأشار إلى الوضع حينها ووصفه بغير المسبوق.
مشيراً؛ إلى هناك حاجة ماسة للتدخل العربي والدولي بشكل فوري وجادي، والنظر إلى حجم الأزمة في السودان، والتي قد تؤثر ويصل صداها للمنطقة بأكملها، حيثُ تواجه البلاد كوارث بيئية، ومياه وصحية وشيكة وغير مسبوقة، فضلاًعن؛نظام الرعاية الصحية على وشك على الإنهيار بالكامل، مع أكثر من 73%من المستشفيات القريبة من ساحات القتال خارج الخدمة الآن، ويزداد الوضع خطورة في بلد يعيش فيه أكثر من 1,3 مليون لاجئ وأكثر من 4,3 ملايين نازح داخلياً يعيشون في ظروف محفوفة بالمخاطر، وكان ثلث السكان يعتمدون بالفعل على المساعدات الإنسانية قبل القتال، والآن أكثر من نصف السودان، يعني ما يقرب من 25 مليون شخص، بحاجة إلى المساعدة والحماية، ومع ذلك، فقد إنسحبت المنظمات الإنسانية الدولية إلى حد كبير من البلاد بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة العامة.
متواصلاً؛ ونرىّ مع إستمرار هذا الصراع، يواجه سكان “دارفور” وضعا مخيفاً أكثر من متناول المراقبين الدوليين، وغيرهم فتفاقمت هشاشة أمن المنطقة التي طال أمدها بسبب إنسحاب بعثة الأمم المتحدة الأفريقية في”دارفور” دون وجود قوات بديلة لحماية المدنيين، والعاملين في المجال الإنساني وبالنظر إلى فراغ السلطة، فإن “دارفور” معرضة بشكل متزايد لخطر تدفق الجماعات الإرهابية في جنوب الصحراء، والصراع على أسس عرقية بين ما يُنظر إليه على أنه مجموعات عرقية عربية وغير عربية وهذا ما يعرض المنطقة بأكملها للخطر وقد يؤثر بشكل سلبي على آمن دول الجوار.
ولفت”أبوالياسين” إلى العقوبات المزعومة من الإدارة الأمريكية، قائلاً؛ إن هذه العقوبات ليست الأداة الوحيدة المتاحة لإدارة” بايدن”ولكن يجب على الولايات المتحدة، وحلفائها إذا كانوا يُريدون بالفعل إنهاء الصراع، ووقف القتال في السودان الإنخراط مباشرة مع حركة الديمقراطية الشعبية بإعتبارهم الحراس الشرعيين للسودان ومستقبلي مسالم، وحث المجتمع الدولي لدعم لجان المقاومة المحلية وقادة المجتمع الذين قاموا بحماية الضعفاء وتقديم المساعدة لهم بشكل أكثر فعالية، وفي الوقت نفسه، يمكن للاعبين الدبلوماسيين الرئيسيين العمل على وقف الأعمال العدائية بشكل دائم، وفتح مناطق آمنة إنسانية، وحماية مجموعات الإغاثة، والصحافيين الذين ينقلون الحقيقة من وسط إطلاق النار .
لافتاً؛ إلى أخطاء أعضاء الأمم المتحدة بصفة عامة، والولايات المتحدة بصفة خاصة، وفرصة لعكس هذه الأخطاء السابقة فيما يتعلق بالسودان، وقيادة مشتركة لهؤلاء في جهد متضافر لإستهداف التمويلات التي تدعم هذه الحرب، بدلاً من الوقوف موقف المتفرج بينما يرتكب “البرهان وحميدتي” فظائع مفتوحة لدىّ المجتمع الدولي، وأدوات الحس السليم تحت تصرفه لفرض تكاليف فورية على الأفراد الذين يشنون هذه الحرب، ومنع المزيد من الدمار، في هذا المنعطف الحرج، ويمكن لـ”مجلس الآمن، والولايات المتحدة وحلفائها إختيار إدامة 20 عاماً من الإفلات من العقاب، أو رسم مسار جديد للمضي قدماً، وإعطاء الأولوية لكرامة الحياة البشرية والخيار واضح للجميع.
كما لفت؛ إلى ما تعكسة الديناميكيات المتبعة في أزمة دولة السودان الشقيقة، وتلك التي حدثت في العديد من الحروب في الموجة الأخيرة، وتكمن جذور هذه الصراعات في الكفاح من أجل التخلص من عقود من حكم النظام السابق، وهي تؤثر بشكل غير متناسب على المدنيين، وعرضة للتدخل الأجنبي، وقد أدىّ هذا إلى تورط مجموعة أكبر من الجهات الفاعلة الخارجية إلى تغذية موجة الحروب الأخيرة وإطالتها، فالقوىّ الإقليمية تتنافس على النفوذ وسط حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل النظام العالمي.
متواصلاً؛ وقد أدىّ هذا إلى حشد متنوع من الجهات الأجنبية التي سمح لها بالتدخل في الشأن الداخلي السوداني دوراً في إنتقال السودان عن مساره إلى الديمقراطية بعد الإطاحة بالرئيس السابق”عمر البشير” في عام 2019، ويمكن الآن أن ينجذب العديد من هذا النظام إلى القتال، في الوقت الذي إستمرت فيه الحروب الأخيرة لسنوات من دون حل، ويبدو أن كلاًمن؛ القوات المسلحة السودانية بقيادة “البرهان”، وقوات الدعم السريع شبه العسكرية بقيادة “حميدتي” يستقر في طريق شاق طويل، ودائم يمكن أن يتردد صداه أبعد من حدود البلاد ولباقي المنطقة بأكملها.
وأكد”أبوالياسين” على أن الصراع في السودان ليس على السلطة فقط ولكن أعمق من ذلك بكثير حيثُ جنحت المرحلة الإنتقالية في السودان لأن “البرهان” وزملاؤه الجنرالات و”حميدتي” وحلفاؤه لن يتخلوا عن السلطة ويخاطرون بفقدان سيطرتهم على موارد البلاد، أو مواجهة العدالة على الفظائع السابقة المرتكبة في حق الشعب السوداني، واليوم نرىّ تنافس القوىّ الأجنبية على النفوذ في الساحات السياسية غير المستقرة، فإن الحرب الحالية والمستمرة هذه المرة بشكل لم يسبق له مثيل في السودان، ونتيجة التصعيد المفاجئ للقتال في شوارع الخرطوم وغيرها، وقع الملايين في مرمى النيران، وحوصروا في منازلهم ويكافحون للحصول على الطعام والماء والضروريات الأخرىّ اللازمة.
وختم”أبوالياسين” بيانه الصحفي حيثُ طالب المجتمع المدني الديمقراطي في “السودان “ويساندة قيادات الدول العربية والإسلامية وجميع منظمات المجتنع المدني بالضغط بكل قوة لوقف الحرب، وتكوين جبهة واسعة تحول توازن القوىّ لمصلحة أجندة السلام والتحول الديمقراطي والجيش الواحد، والوقوف صفاً واحداً ضد الحرب، وأن يكون التوجه مع جيش واحد مهني، وقومي ينأىّ عن السياسة، ويتم الوصول إليه بالإتفاق على خطة شاملة للإصلاح الأمني والعسكري، تتضمن تنفيذ الترتيبات الأمنية المنصوص عليها في إتفاق “جوبا” للسلام ودمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة، قبل فوات الآوان ويتم تدمير الخرطوم الذي يجري له الآن على قدم وساق لتصبح مثل عواصم دول عربية شقيقة تركت حتى دمرت منذ أكثر من عقد من الزمان، ومازال يعاني مواطنيها حتى.