كيف يقرأ الغرب زيارة رئيس كوريا الشمالية إلى روسيا
بقلم : يوحنا عزمى
الزيارة التي يقوم بها حاليا الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج اون إلي روسيا ليست كاي زيارة روتينينة يقوم بها رؤساء الدول وانما هي زيارة أثارت ضجة كبيرة في الغرب حول دواعيها ودوافعها وأهدافها في مثل هذا التوقيت الحرج من تطور مسار الحرب الأوكرانية.
التفسير الذي يروجون له في دوائر حلف الناتو وغيرها ، هو ان الدافع الرئيسي لهذه الزيارة هو عقد صفقة تسليحية كبيرة بين الطرفين الكوري الشمالي والروسي ، ولتاخذ الأسلحة الكورية الشمالية طريقها بعدها إلي ساحة الحرب الأوكرانية لتعمل علي إطالة أمدها ، واعطاء روسيا القدرة علي مواصلتها بعد ان اوشكت مخزوناتها من الأسلحة التقليدية علي النفاذ بعد اكثر من عام ونصف من القتال المستمر ضد أوكرانيا المدعومة بالقوة الجماعية لدول حلف الناتو … وهو نفس ما قالوه عندما زار وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو بيونج يانج قبل فترة علي رأس وفد عسكري كبير .. ثم جاءوا اليوم ليؤكدوه مصحوبا بالتحذيرات والتهديدات وكان هذه الأسلحة الكورية الشمالية هي التي سوف تقلب ميزان الحرب الأوكرانية رأسا علي عقب .. او كان أسلحة الناتو علي وفرتها وتنوعها وتفوقها لن تكون كافية في التعامل
معها وتحييدها.
ولعل اكثر ما يثير الدهشة والاستغراب ، هو كل هذه الضجة المثارة في الغرب حولها ، وتهديد بيونج يانج بتصعيد العقوبات الغربية والدولية ضدها فيما إذا تجرأت واقدمت علي هذه الخطوة.
ومبعث الغرلبة هنا هو ان أمور التعاون العسكري والدفاعي بين دول مستقلة كروسيا وكوريا الشمالية ، هي في النهاية حق سيادي تكفله لها كافة القوانين الدولية بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة نفسها الذي يؤكد علي هذا الحق سواء تم في إطار ترتيبات دفاعية ثنائية او متعددة الاطراف .. ومن ثم ، فإن تهديد الغرب لكوريا الشمالية بالمزيد من العقوبات الانتقامية منها يصبح بلا اي أساس قانوني يجيز للغرب التهديد بتوقيع مثل هذه العقوبات التي هي صورة من صور الإرهاب في العلاقات الدولية..
والأغرب هو ان أمريكا وحلفائها في الناتو هم اكبر سوق لبيع السلاح في العالم ، ويكاد استحواذهم عليه ان يكون كاملا ولم تعترض روسيا او غيرها علي ذلك .. وانما سلموا به كحقيقة قائمة ومستقرة.
ومن هنا ، فإن ما يهددون به كوريا الشمالية ، هو تعبير صارخ عن سياسة الكيل بمكيالين او سياسة المعايير المزدوجة في العلاقات الدولية التي تكون أمريكا وشركاؤها في الناتو طرفا فيها.
فأسلحة الناتو ، بما فيها الذخائر العنقودية واليورانيوم المنضب والمقاتلات الهجومية اف – ١٦ تنهال علي أوكرانيا دون إنقطاع ، وهدفها المعلن هو تسريع إلحاق هزيمة عسكرية إستراتيجية كاملة بروسيا في أوكرانيا مهما تكلف الأمر او استغرق من وقت ..
ومع ذلك فلا روسيا ولا الصين ولا مجلس الأمن ولا اي قوة دولية أخري في العالم منعتهم او هددتهم بما يهددون به بيونج يانج الآن وهم يحرمون علي غيرهم ما يحللونه لانفسهم ، هكذا وبلا استشعار لاي خجل او حرج .. وهكذا هم دائما وابدا.
وأغلب الظن أنه وبرغم هذا التهديد الغربي السافر لكوريا الشمالية فإن بيونج يانج لن تعدم الوسيلة لتزويد حليفها الروسي الإستراتيجي المهم بالأسلحة التي يحتاجها في هذه الحرب.
وقد عبر الرئيسان الروسي والكوري الشمالي فعلا عن عدم اكتراثهما بتلك التهديدات الغربية ، وسوف نبقي في ترقب ما سوف تحمله الأيام المقبلة من تطورات.