علي هامش القمة العربية
بقلم : يوحنا عزمى
لا نعرف ما الذي سوف يكون مطروحا للمناقشة او لإتخاذ قرارات فيه من موضوعات تم التوافق علي إدراجها علي جدول إجتماع القمة العربية الطارئة المقرر انعقاده بعد غد الحادي عشر من نوفمبر.
وللأسف ، فإن المواقف العربية حيال أزمة الحرب الإسرائيلية علي غزة ، رغم الشراسة المتناهية لهذه الحرب وتلك الدرجة المخيفة
من القوة المفرطة التي تدار بها من قبل نتنياهو وحكومته في
تل ابيب ، هذه المواقف العربية تبدو فاترة في عمومها وكأنها قد توقفت عند اللحظة الأولي من إندلاع هذه الحرب ولم تذهب ابعد منها ، وهي اقرب إلي التعبير عن مواقف فردية متفرقة اكثر مما تعبر عن موقف عربي جماعي ، وإذا كان هناك ما يجمعها ببعضها فهي عبارات الشجب والإدانة اللفظية ، ودعوتها إلي الوقف الفوري لإطلاق النار لتوفير إراقة المزيد من الدماء ، وكذلك الدعوة إلي توفير الحماية الدولية للفلسطينيين في أراضيهم المحتلة دون توضيح الكيفية التي يمكن بها توفير مثل هذه الحماية الدولية المناسبة لهم ، والدعوة إلي تسهيل وصول المساعدات الانسانية والطبية إلي سكان قطاع غزة ، والمطالبة بوقف التهجير القسري لسكان غزة إلي خارج القطاع ، ودعوة المجتمع الدولي إلي البدء
في ترتيبات عملية سلام فلسطيني إسرائيلي تستند إلي صيغة
حل الدولتين ، الخ.
هذا هو كل ما دابنا علي سماعه من كافة الأطراف العربية علي
مدار خمسة أسابيع كاملة ، ولم يتغير الموقفان الإسرائيلي والأمريكي قيد انملة وظل مستمراً علي حاله بلا أدني استعداد للتهدئة او المهادنة او المساومة ، والإصرار علي تقديم الموقف للعالم من منظورهما وحدهما وباعتبار ان هذه الحرب هي من
حق إسرائيل في دفاعها المشروع عن نفسها في مواجهة إرهاب منظمة حماس بعد عملية طوفان الأقصي ..
هذا هو الموقف الذي وصلنا إليه الآن مع هذه الحرب المرشحة للاستمرار لفترة أخري قادمة وبكل ما يمكن ان تنطوي عليه من اخطار وتهديدات للسلم والأمن في هذه المنطقة من العالم.
وبالتالي ، فإن المطلوب من هذه القمة العربية الطارئة علي وجه السرعة وباجماع الحاضرين فيها ، كما أراه ، هو إصدار بيان مشترك واضح بما لا يحتمل اي لبس او تأويل ، يدين كل تلك الانتهاكات والجرائم الوحشية الإسرائيلية ويطالب المجتمع الدولي بتحميل إسرائيل بالمسئولية عنها ، وباجراء تحقيق دولي نزيه ومحايد
فيها تحت إشراف الأمين العام للأمم المتحدة ..
مع الدعوة إلي إلزام إسرائيل بدفع التعويضات المالية العادلة عن الدمار الهائل الذي احدثته في غزة وقضي علي الكثير من معالم الحياة فيها وكذلك تحذيرها من تبعات احتلالها لغزة عسكريا من جديد ، ومطالبتها بإرجاع النازحين من شمال غزة إلي جنوبها
تحت تهديدها لهم ، إلي ديارهم التي نزحوا منها ، والمضي من
ذلك إلى إقامة منطقة عازلة بين غزة وإسرائيل ترابط فيها قوات
سلام دولية تابعة للأمم المتحدة ويتم تشكيلها بقرار من مجلس الأمن الدولي علي غرار القوات الدولية المرابطة في جنوب لبنان ويتم إرسال تلك القوات الدولية إلي مواقعها علي الحدود الفاصلة بين الجانبين باقصي سرعة ممكنة علي ان يتزامن مع ذلك انسحاب القوات الإسرائيلية من كافة أراضي غزة وخروجها منها بلا تأخير
او تعليقه علي اي شروط.
اما مفاوضات حل الدولتين ، فيمكن ارجاؤها إلي وقت لاحق بعد
ان تهدأ الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتستقر وتسمح بالدخول في عملية سلام جادة ونهائية وبترتيبات دولية ملائمة وكافية … هذا هو ما اتصوره ، وبدون هذه القرارات المحورية
فإنه لا يصبح لمثل هذه القمة العربية قيمة او أهمية او لما كان
ثمة مبرر يدعو لانعقادها من الأساس ..
نرجو ان تكون قمة إيجابية مثمرة لا ان تكون ككل القمم العربية التي سبقتها وذهبت قراراتها إدراج الرياح.