الصهيوأمريكية
بقلم : يوحنا عزمى
طبقاً للقانون الدولي .. دولة الإحتلال ملزمة بحماية وتوفير الأمن وكل إحتياجات المناطق التي تحتلها ، وهذا ما ذكرته مصر فى بيان وزارة الخارجية.
وأيضاً وطبقاً للقانون الدولى مقاومة الإحتلال عمل مشروع.
ورغم ذلك وجدنا الرئيس بايدن يساند دولة الإحتلال ، وقبله نقل الرئيس ترامب سفارة أمريكا للقدس المحتلة.
وسابقاً قال بايدن عبارة شهيرة :
”ليس من الضرورى أن تكون يهودياً لكي تكون صهيونياً”
ما هو تفسير هذا التناقض الصارخ بين الموقف الرسمى بأن إسرائيل دولة إحتلال ، وفي نفس الوقت تساندها وتعتبر المقاومة إرهاب؟
لكى نجد إجابة للسؤال لابد أن نفهم بدقة مفهوم الصهيونية عندهم.
١- بداية العقيدة الصهيونية
الصهيونية نسبة لجبل صهيون ، ويعتقد اليهود أن الرب يسكن هذا الجبل ، وفى سفر المزامير “رنموا للرب الساكن فى صهيون، أخبروا بين الشعوب بأفعاله”، وبالتالى الصهيونية في الاعتقاد اليهودي فى بداية نشوءها هي الاستقرار في محيط جبل صهيون لكي يكونون قريبين من الرب.
٢- سيمحا بينكر (1882)
بسبب عقيدة اليهود التى جعلتهم معادين لكل الشعوب الأخرى وتآمرهم عليهم ، وعدم ولائهم لأى وطن يقيمون فيه ، نبزتهم وكرهت وجودهم هذه الشعوب ، ومارست ضدهم العنف ، وكانت مذابح روسيا القيصرية هى قمة المأساة التي ادت لإحياء الاعتقاد الصهيوني ، وهنا ظهر يهودي اسمه سيمحا بينكر ، وأسس “جمعية عشاق صهيون” التي كانت بداية الصهيونية المعاصرة.
٣- تيودور هرتزل (1895)
ألف هرتزل كتابه “الدولة اليهودية”، وهكذا أخذ الصهيونية لمستوي جديد وهو الدولة، وساعد علي بلورة الفكرة ان أوروبا كانت تؤيدها لأسباب براجماتية بحته وهو التخلص منهم.
في مدينة بال بسويسرا سنة 1897 انعقد المؤتمر الأول ليهود العالم ، وطرح فكرة اقامة دولة لليهود في فلسطين ، ولم يمر
نصف قرن حتى كانت هذه الدولة قد قامت.
الصهيومسيحية سبقت الصهيونية اليهودية المعاصرة فى الظهور حيث بدأت مع ظهور البروتستانتية ، ونشر مارتن لوثر مؤسس
هذا المذهب كتاب “عيسى ولد يهودياً”، وترسخت ثلاثة إيمانيات في الكنائس الغربية والامريكية :
- اليهود هم شعب الله المختار.
- الله أعطى أرض فلسطين لليهود.
- المجيء الثاني للمسيح مشروط بعودة اليهود لفلسطين.
وأنتشر الإيمان بحتمية تحقق النبؤات اليهودية ، والإيمان بعقيدة آخر الزمان ، أو كما تسمى ب عقيدة الألفية ، وهو أن المسيح يسوع سوف يعود جسدياً إلى الأرض ، وسوف يحكم العالم ألف عام ويؤسس المسيح ملكوته على الأرض بعد أن أسسها في السماء.
وبناء علي كل ما سبق ، حديث بايدن عن كونه صهيونياً وأنه ليس من الضروري ان تكون يهودياً لكي تكون صهيونياً ، هو تقرير لواقع الإيمان السائد في الكنائس الغربية ، وهو ليس قاصراً على بايدن ولكن على معظم المسيحيين الغربيين.
والنسخة الأمريكية من الصهيومسيحية هي الصهيوأمريكية.
ونخلص من ذلك لحقيقة أن الصراع فى الشرق الأوسط سببه الحقيقي قراءة متطرفة عنصرية حربية للتوراة ، أو بدقة أكثر “الترجمة السبعينية”، اي ان الصراع – رغم علمانية الغرب المزعومة ديني في المقام الأول ، شاء من شاء وأبى من أبى.
الكنيسة الوطنية المصرية وكنائس الشرق في غالبيتها ترفض الصهيومسيحية ، وأشهر من أعلن رفضه هو البابا شنودة الثالث ومن أقواله : “إن فكرة شعب الله المختار كانت لفترة معينة أو لغرض معين وانتهت ، وإن إسرائيل الحالية ليست شعب الله المختار ، وأن اليهود جاءوا من فلسطين بوعد من بلفور ، وليس بوعد من الله”