متابعة : محمد جمعه الشافعي
في البداية إن هذا المقال يتصل بحياة الإنسان المسلم وكرامتة الحقيقية بصورة وطيدة فضلاًعن؛ إنه يعُد قَاعِدة من قواعِد البُنْيان ودعامة لهم، لذا؛ سأحاول تبسيط الأفكار والمعلومات التي تدور حول هذا الموضوع مستعيناً بالله، ومعتمداً على المعاني البراقة للغتنا العربية الجميلة، تلك لغة القرأن التي تجعلنا أكثر فَقاهة وحكمة وحنكة ومعرفة في سرد الموضوعات، تلك اللغة التي تشع نوراً للمعرفة، وضياءً للجاهل، “لأَنْهَلَ” منها ما يعنينا ويعني جميع المسلمين في جميع دول العالم عن كتابة كلمات من ذهب تزيدنا فخراً وعزه في هذا الشأن، لنُؤكد: للجميع بأنه لو كانت مواقف زعماء ورؤساء وملوك وأمراء الدول العربية و الإسلامة في العالم حَذْوَت حَذْوَ مواقف الشعوب العربية الإسلامية لشاهدنا مواقف من دول العالم التي تطاولت على الإسلام والمسلمين تتوافق مع موقف دولة «الدنمارك والسويد» الآخير.
وقد شاهدنا وشاهد العالم أجمع واقعة حرق المصحف الشريف في الدنمارك في نهاية شهر يوليو الماضي 2023، للمرة الثانية بعد أن أقدم شخصان على حرق نسخة من المصحف أمام السفارة العراقية في كوبنهاجن، ودهس أحد الشخصين على المصحف وأشعل فيه النار، واضعاً علم العراق بجواره على الأرض، مما آثار غضب المسلمين في جميع دول العالم، وإستمر هذا الغضب حتى أجزمت الحكومة الدنماركية على إتخاذ قرارها الأخير، والتي نوهت عنه رئيسة الوزارء في وقت سابق ونرىّ نحن أن هذا القرار يعُد بالتاريخي.
وألفت: في مقالي هذا إلى أنه كان ينتمي الشخصان الذين أقدموا على حرق “المصحف الشريف” لجماعة تطلق على نفسها أسم “الوطنيون الدنمركيون”، التي قد قامت بالواقعة الآولىّ بأيام قليلة من الثانية، وقاموا ببثها على “فيسبوك”، آنذاك، وتوالت
الإدانات حينها من عدة دول عربية وإسلامية وكان أبرزها المملكة الأردنية والهاشمية،
ودولة العراق، وكانت مواقف الشعوب العربية والإسلامية في جميع دول العالم الأكثر تأثيراً على نقيض مواقف زعماء ورؤساء الدول العربية والإسلامية آنذاك؛ التي كانت لا ترتقي بقيمة الإسلام والمسلمين، في هذا الشأن وقد دفعت مواقف الشعوب العربية والإسلاميه حينها سلطات الدول في الإتحاد الأوروبي يمطالبتها للحكومة الدنماركية بإعادة النظر سريعاً بما يسمى بحرية التعبير وحق التظاهر .
وقد خرجت علينا رئيسة وزراء الدنمارك “ميت فريدريكسن” ببيان عاجل بعد عدة أيام قليلة من ردود الأفعال الغاضبة والغير مسبوقة من حرق المصحف في بلادها وتحديداً في يوم 04 أغسطس من الشهر الجاري 2023، وقالت : في بيانها إن فرض حظر محتمل على حرق القرآن في البلاد، لن يحد من حرية التعبير، وتابعت “فريدريكسن” في مقابلة إعلامية متحدثة لأول مرة عن إضرام النار في المصحف الشريف قائلة:إنه ليس منحدراً زلقاً، ولا أعتبر أنه قيد على حرية التعبير بحيث لا يمكنك حرق كتب الآخرين، وإنتظرنا قرارات السلطات الدنماركية في هذا الشأن وبموجب بيان رئيسة الوزراء.
وشهدت العراق وبعضاً من الدول العربية والإسلامية إحتجاجات واسعة حينها بعدما سمحت السلطات في الدنمارك والسويد بحرق نسخ من المصحف، بموجب قواعد حماية الحق في حرية التعبير، وأضرم محتجون في العراق حينها النار في سفارة السويد، وعنونة الصحف الغربية والعربية حينها على صفحاتها الرئيسية «الدنمارك تدرس فرض “قوانين” لمنع إحتجاجات تشمل حرق القرآن»، وذكرت حينها أن الخارجية الدنماركية تعتزم دراسة السبل القانونية التي يمكن من خلالها منع إستغلال السماح بمظاهرات قد يحرق خلالها القرآن الكريم وجاء هذا بعد ما تصاعدت المخاوف الأمنية من ردود فعل قد تكون عنيفة إزاء تلك الممارسات الغير مسؤولة.
وقال: وزير خارجية الدنمارك “لارس لوكه راسموسن” للإذاعة الوطنية حينها إن الحكومة ستسعىّ لإيجاد “أداة قانونية” من شأنها أن تمكن السلطات من منع حرق نسخ من القرآن أمام سفارات الدول الأخرىّ أو في أي مكان أخر،
وأضافت؛ الوزارة إن الحكومة ترغب في “درس” إمكان التدخل في حالات تشتمل على إهانة دول وثقافات وديانات أخرى، وقد تكون لها تداعيات سلبية ملحوظة على الدنمارك، وخصوصاً على الصعيد الأمني، لافتة؛ إلى أن تظاهرات مماثلة يستغلها متطرفون وتثير الإنقسام، ويبدو أن الوزارة تداركت مؤخراً أنه يجب أن يتم ذلك بالطبع في إطار حرية التعبير المحمية من دستور البلاد، وبأسلوب لا يغير من حقيقة أن حرية التعبير في الدنمارك واسعة للغاية.
وقد عرضت الحكومة الدنماركية مؤخراً مشروع قانون يحظر حرق المصحف بعد الإضطرابات التي سجلت في دول إسلامية عدة بسبب تدنيس نُسخ عن القرآن في الدنمارك، وقال: وزير العدل “بيتر هاملغارد” خلال مؤتمر صحفي له أول أمس، إن القانون سيحظر التعامل بطريقة غير مناسبة مع أشياء تكتسي أهمية دينية كبيرة لدىّ ديانة ما، وفقاً لـ”فرانس برس”،
وأوضح وزير العدل الدنماركي أن التشريع يهدف بشكل خاص إلى حظر عمليات حرق هذه الأشياء والإساءة للرموز الدينية وتدنيسها في أماكن عامة.
وتواصل: الوزير في حديثة أن حرق نسخ من المصحف الذي وصفه بأنه ينم في الأساس عن الازدراء وعدم التعاطف يسيء إلى الدنمارك ويضر بمصالحها !!، بحسب ما أفادت الوكالة الفرنسية، ومن المقرر وفق مصدر رفيع المستوىّ من داخل “الدنمارك” إدراج النص الجديد في الفصل “12” من قانون العقوبات الذي يتعلق بالأمن القومي، وأن هذا في صميم ما نقوم به ودافعه، لا يمكننا أن نبقى مكتوفي الأيدي بينما يقوم عدد قليل من الأفراد بكل ما في وسعهم لإثارة ردود فعل عنيفة، وأنه سينطبق البند القانوني أيضاً على تدنيس الكتاب المقدس، أو التوراة أو الرموز الدينية مثل الصليب، على أن يعاقب الجاني بغرامة وبالسجن مدة لاتقل عن عامين.
وأشير: في مقالي إلى رئيس الوزراء السويدي “أولف كريسترسون” الذي إتصل بعد إعلان الدنمارك عن “مشروع القانون” الآخير بساعات قليلة بنظيرتهُ الدنماركية “ميتي فريدريكسن” وأخبرها بأن عملية مشابهة تجري بالفعل الآن في بلاده، وقال في منشور على له على موقع التواصل الإجتماعي “إنستغرام” إننا بدأنا أيضاً بتحليل الوضع القانوني بالفعل بشأن حرق المصحف والإساءة للديانات الآخرىّ والنظر في إجراءات لتعزيز أمننا القومي، وأمن السويديين في السويد وفي إنحاء العالم، وأضاف؛ أن السويد والدنمارك تدافعان عن حرية التعبير والتظاهر، ولكن لديهما تقاليد قوية في إحترام الآخرين والمعتقدات المختلفة، وحرية الدين هي حجر الزاوية الواضح لمجتمعاتنا !!.
مشيراً: إلى عندما كان رد الشعوب العربية والإسلامية على حرق المصحف الشريف جاء على قدر الحدث، وبشكل راقي يرتقي بقيمة القرأن الكريم ويتلائم مع قيمة دولنا العربية والإسلامية التي يتغافل عنها بعض زعماء ورؤساء الدول للأسف فأجبر السلطات السويدية والدنماركية التي كانوا يدعمون هذه الأفعال المشُينة على الملأ في السابق وجعلهم يُدركون جيداً بأن الوضع لهذه التداعيات خطير، وأن هناك حاجة ماسه لإتخاذ تدابير مهمة لتعزيز قدرتهم على الصمود، في السويد ونظيرتها الدنمارك.
وبدأت بالفعل السويد العمل على تحليل الوضع القانوني بما في ذلك قانون النظام العام، بهدف النظر في إتخاذ تدابير لتعزيز أمنها القومي في إشارةً من السلطات السويدية لعمليات “حرق المصحف”، ومن هنا أتقدم بتحية شكر وإجلال وتقدير للشعوب العربية والإسلامية الأبية التي أجبرت دولة الدنمارك والسويد على إتخاذ هذه القرارات التي نراها يالتاريخية، كما أثني: على الدول التي قامت بإستدعاء مبعوثي الدنمارك والسويد في عدد من دول الشرق الأوسط وحثت تلكُما مثلين الدولتين على إتخاذ خطوات ملموسة لمنع وقائع حرق القرآن الكريم رغم إنه جاء بعد ردود أفعال الشعوب العربية والإسلامية المشرفة ولكن تستحق الثناء.
كما أشير: في مقالي إلى بياني الصحفي الصادر في يوم 20 يوليو الماضي من هذا العام 2023، والذي حمل عنوان «حذرنا السويد من عواقب إستفزاز المسلمين واليوم ندين حرق سفارتها»، وإستغربت حينها من موقف الحكومة السويدية الغير رشيد إزاء عدم إتخاذ سلطات السويد آنذاك؛ الموقف المطلوب والمناسب مع الحدث من دولة تحترم العقائد والمقدسات، وأكدت: حينها على أن هذا سيدفع بالمشكلة إلى المزيد من التعقيد، وبما يفاقم مشاعر الغضب إزاء إنتهاكات يجب ردعها ووضع حد لها ولكن يبدو أن السلطات السويدية أدركت خطورة الوضع مؤخراً، وتأكدت؛ أن تكرار مثل هذي الأعمال الإجرامية والمتطرفة تعرض الأمن القومي للبلاد للخطر .
وكان أولة ما شهدناة حينها في العاصمة العراقية بغداد بعد ما تم إقتحام السفارة من قبل عدد من المحتجين، وقاموا بإشعال النيران فيها، فضلاًعن : الدعوات بإستهداف جميع المصالح السويدية في العراق وجميع دول العالم، وهذا ما حذرنا منه عقب “حرق المصحف” في المره الأولىّ، ولكن للأسف لم تلتفت الحكومة السويدية لتلك التحذيرات حينها، وتجاهلت بشكل مخزي وغير مبرر لتكرار التحذيرات من مغبة هذه الأفعال المتطرفه، وأن تأثير هذا العمل المشين الذي يضر ويهدد بشكل مباشر”حرية التعبير” المزعومة.
وفي ختام مقالي أقول: إن ما ذكرتةُ من معلومات وما كتبتةُ من كلمات يبين الأهمية العظمىّ للموضوع لانه يمس كرامتنا الإسلامية والعربية في نفس الوقت بالإَضافة إلى ما يدعو إليه ديننا في هذا الشأن، وهنا يأتي دورنا من نابع الواجب الشرعي والوطني لندافع عن كرامتنا، وعزتنا بالعلم والمعرف لا برد الإساءة بإساءة مثلها وهذا ما شاهدة العالم من رقي ردود أفعال المسلمين جراء هذه الإستفزازات الغير مسؤولة، كذلك حكومات الدول العربية والإسلامية تجاه هذا الموضوع التي يجب أن يكون لها دوراً مماثلاً، علاوة على دور الوسائل الإعلامية أيضاً لإبراز هذا الآمر، لنؤكد: للجميع عندما يكون الرد على قدر الحدث تأتي النتائج.
وكان رد الشعوب العربية والإسلامية رد حاسم وتصدىّ الجميع في وجه محاولات العبث بكافة المقدسات الدينية، وتوالت إدانة هذه الأفعال الإجرامية، لوضع حد لفوضىّ مصطلح “حرية التعبير” المزعومة من من تلكُما الدول التي لا تعي خطورة هذا العمل المشين، وأنه قد آن الآون الآن للكف عن إستغلال هذه الأعمال المتطرفة في سوق السياسات والإنتخابات كدعاية رخيصة لهما، كما أكد؛ لتلك الدولتين ولجميع دول العالم أيضاً على أن تكرار هذه الحوادث يؤدي إلى مردود لا يقل في خطورتةُ عن مردود الهجمات الإرهابية الغاشمة، وأن السماح لهؤلاء المجرمين بتكرار هذه الإستفزازات تحت مسمىّ “حرية التعبير”ولو حتى بالصمت، يعُد تواطؤ منبوذ قد يُعيق من جهود تعزيز السلام وحوار الأديان والتواصل بين شعوب العالم العربي والإسلامي وشعوب العالم الغربي.