متابعة: محمد جمعه الشافعي
بعد تصريحات الولايات المتحدة بشأن تطبيع العلاقات بين “السعودية وإسرائيل” فأصبح للجميع موضوع اليوم من الموضوعات التي تشغل بال الكثيرين من شعوب الدول العربية والإسلامية والعالم بأسره، ولا نستطيع جميعاً إغفال ذلك حيث يتناول مقالي هذا من الأمور الهامة والتي تتمثل في، الإهتمام البالغ والمبالغ فيه من الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تُثير العديد من التساؤلات لماذا كل هذا الإهتمام؟ وما هو السبب الرئيسي وراء سعي الإدارة الأمريكية الدَؤُوبٌ لتطبيع العلاقات بين «السعودية وإسرائيل»؟، ولماذا المملكة العربية السعودية بالذات دون غيرها؟، وهل سيكون “حدثا تحوليا” كما زعم وزير الخارجية الأمريكي”أنتوني بلينكن” منذ ساعات قليلة؟.
وهل ما قاله ولي العهد السعودي”محمد بن سلمان” في تصريحاتةُ الأخيرة، إنه لن يقوم بتطبيع العلاقات مع إسرائيل ما لم يتمكن من “حل” القضية الفلسطينية صحيحاً؟، وخاصةً بعد ما إكتفت بعض الدول قامت بالتطبيع مع الإحتلال بوعد بعدم ضم الأراضي الفلسطينية لكنهم تركوا الفصل العنصري قائماً؟ فهل ستفعل الإدارة السعودية الرشيدة المتمثلة في ولي العهد”محمد بن سلمان” ما هو أفضل أم سيقبلون الرمزية؟، سنجيب على جميع التساؤلات في هذا الشأن ونوضح بالتفاصيل موقف المملكة العربية السعودية من تطبيع العلاقات مع الإحتلال الإسرائيلي؟.
وفي زيارة للولايات المتحدة تحيي رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” المحاصر،
ووصل “نتنياهو”إلى الولايات المتحدة”كـ” رجلاً محاصراً، وتلاحقه أشهر من الإحتجاجات الجماهيرية ضد جهوده للحد من سلطة المحكمة العليا الإسرائيلية، ويغادر منتعشاً وربما أكثر جرأة، ومن خلال 6 أيام من الإجتماعات رفيعة المستوىّ مع قادة العالم ورجال الأعمال في مجال التكنولوجيا، قال: المحللون إن “نتنياهو” قام بتحسين علاقتهُ المتوترة مع الرئيس الأمريكي”جوبايدن”، وصقل سمعته كلاعب ذو وزن ثقيل في الدولة العالمية.
وهل هذة هي المساومة الصعبة؟ أم هو رجل يائس للتوصل إلى اتفاق؟ ومنح “بايدن”لـ “نتنياهو” جائزتهُ المرموقة المتمثلة في دعوة لزيارة البيت الأبيض قبل نهاية العام دون الإصرار على تغيير مساره سواء تجاه القضاء أو الفلسطينيين، وقد دفع إنتقادات الأخيرإصلاحه القضائي إلى الخلفية حيثُ يبدو أن الإتفاق الدبلوماسي التاريخي بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية يكتسب زخماً الآن، وفي يومة الآخير من الـ 6 أيام، إختتم”نتنياهو” أسبوعه بخطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، قائلاً: إن الإتفاق مع المملكة العربية السعودية سيخلق حقاً شرق أوسط جديد!.
كما إنحرف”نتنياهو” عن التحديات الداخلية التي يواجهها من خلال تقديم نفسه كمعزز لقطاع التكنولوجيا، وعقد مناقشات مفاجئة، وغير متناسبة في بعض الأحيان، حول الذكاء الإصطناعي مع قادة التكنولوجيا مثل”إيلون ماسك، وإريك شميدت”، الرئيس التنفيذي السابق لشركة جوجل، كما إنحرف عن عنف المستوطنين الإسرائيليين تجاة الفلسطينيين، والذي آدىّ إلى نزوح أكثر من “1100”
فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة منذ عام 2022، وفقاً لتقرير للأمم المتحدة الذي صدر منذ عدة أيام قليلة قبيل زيارة”نتنياهو” لأمريكا، حيثُ وصف المسؤولون النزوح الجماعي بأنه لم يسبق له مثيل في السنوات الأخيرة.
وقد وثق التقرير الآممي حوالي ثلاثة حوادث متعلقة بالمستوطنين كل يوم في الضفة الغربية، وهو أعلى معدل يومي منذ أن بدأت الأمم المتحدة بتوثيق هذا الإتجاه في عام 2006، وقد أدىّ العنف إلى إفراغ خمسة مجتمعات فلسطينية بالكامل، وذكر التقرير أن ستة آخرين شهدوا رحيل نصف سكانهم، بينما شهد سبعة آخرون فرار ربعهم، مع توسع المستوطنات الإسرائيلية في ظل حكومة “بنيامين نتنياهو” اليمينية المتطرفة، ويقول الفلسطينيون إن العنف الذي يمارسهُ المستوطنون الإسرائيليون المتطرفون قد وصل إلى ذروته.
وألفت: في مقالي إلى أنه قد سجلت الأمم المتحدة مستويات غير مسبوقة من عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين هذا العام 2023، ورغم إستجابة المجتمع الإنساني لاحتياجاتهم العاجلة، ولكن لن تكون هناك حاجة للمساعدة الإنسانية إذا تم إحترام حقوقهم الأساسية، ومن خلال متابعتنا عن كثب شاهدنا أولئك الذين تركوا منازلهم من الفلسطينيين، الذين قالوا: إن الهجمات على أراضيهم الرعوية والعنف من البؤر الإستيطانية، والتي تم إنشاء الكثير منها مؤخراً على قمم التلال التي تحيط بالقرى الفلسطينية الريفية، دفعتهم إلى رفع الرهانات بشكل دائم،
وبحسب التقرير الآممي، فإن التجمعات الفلسطينية التي شهدت أكبر خسارة سكانية كانت في المناطق التي بها أكبر عدد من البؤر الإستيطانية.
كما ألفت؛ في مقالي إلى هيئة الدفاع الإسرائيلية المسؤولة عن الشؤون المدنية الفلسطينية، وتعُد وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، التي لم تستجيب لطلب التعليق من الآمم المتحدة حتى وقتنا هذا، ولقد روجت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة للتوسع الإستيطاني على مدىّ ما يقرب من ستة عقود، لكن حكومة “نتنياهو” اليمينية المتطرفة جعلتهُ أولوية قصوىّ، ويشرف الآن وزير المالية المتطرف “بتسلئيل سموتريش”، وهو أحد مثيري الإستيطان، على سياسة الإستيطان وتعهد بتكثيف البناء وإضفاء الشرعية على البؤر الإستيطانية التي بنيت دون ترخيص، فضلاًعن:أنها تعُد خرقاً للقانون الدولي، وميثاق الآمم المتحدة.
ويفيد الفلسطينيون الذين نزحوا أن السلطات الإسرائيلية، المكلفة بإدارة المنطقة، لا تستجيب لحالات عنف المستوطنين، ووفقاً لبيانات الأمم المتحدة الآخير، قالت: فيه إن جميع المجتمعات التي حدث فيها النزوح تقريباً إنها قدمت شكاوى إلى السلطات الإسرائيلية، لكن جميعهم قالوا: إن السلطات الإسرائيلية لم تتابع الشكوى، ويأتي تصاعد عنف المستوطنين في وقت يدور فيه قتال إسرائيلي فلسطيني عنيف في المنطقة،
وقتل نحو أكثر من”190″ فلسطينياً بنيران إسرائيلية هذا العام، وأغلبهم شباناً يرشقون بالحجارة إحتجاجاً على التوغلات العسكرية، وأشخاصاً أخرين لم يشاركوا في أيٍ من المواجهات قُتلوا أيضاً.
ومن هنا أقول: في مقالي إن التنازلات الوحيدة التي يمكن أن يقدمها نتنياهو مقابل صفقة سعودية للبدء في إنهاء الفصل العنصري في الأراضي الفلسطينية من المحتمل أن تؤدي إلى زوال إئتلافه اليميني المتطرف الذي يأمل أن يبقيه خارج السجن، وأتساءل ويتساءل الجميع ما هي أولويات”نتنياهو” في الوقت الحالي؟، فقد أصاب الكثير من المراسلين الإسرائيليين، وغيرهم بالإحباط بسبب الإجتماع الآخير بين “بايدن ونتنياهو”، لأن الآخير خرج وأخبر الجميع كم كان اللقاء دافئاً وودوداً !، وتحدث “بايدن” عن الروابط غير القابلة للكسر بين أمريكا والدولة اليهودية، حيثُ أراد الجميع من “بايدن” أن يوبخ “نتنياهو”علناً بسبب الإنقلاب القضائي الذي قام به، وعندما لم يحدث ذلك، إعتقدوا أن الإجتماع كان بمثابة فرصة ضائعة كبيرة.
وزيارات المسؤولين التي لم يكن من الممكن تصورها في السابق، تسلط الضوء على ما أسماه بدفئ العلاقات السعودية الإسرائيلية، وتوجه وزير السياحة الإسرائيلي إلى المملكة العربية السعودية، وقام مبعوث سعودي بجولة في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، وعكست الزيارات كيف يتجه البلدان نحو تطبيع علاقاتهما، وتقول: الحكومة السعودية إن اقتراحها لإقامة دولة فلسطينية يظل حجر الزاوية في أي إتفاق مستقبلي مع إسرائيل، ولكن هل ولي العهد السعودي”محمد بن سلمان” يستخدم صيغاً أكثر غموضاً قد تسمح بمكافأة، ولكنها تبقي الفصل العنصري قائماً كما فعل السابقون؟.
أم أن ولي العهد السعودي حريص للغاية على الحصول على ضمانة أمنية من حكومة الولايات المتحدة كما يدعي البعض، وأنه على إستعداد للتخلي عن سعي الفلسطينيين إلى إقامة دولة لهم، ولكن إذا كان ذلك يعني قبوله بواقع الدولة الواحدة، فهل سيترك الفصل العنصري في مكانه؟، فالمال ليس هو الحل، وهل إتفاق الدفاع الأمريكي السعودي مرتبط بالإتفاق الإسرائيلي؟، ووضع المطالب الفلسطينية جانباً كما زعمت بعض الصحف الغربية؟.
فقد نرىّ أن إتفاق الدفاع لن يتطابق مع رغبة السعودية في التوصل إلى إتفاق على غرار إتفاق الناتو، وأن الإتفاق قد يكون مثل إتفاق البحرين،
وقد تصنف واشنطن السعودية كحليف رئيسي من خارج الناتو، في حين تقول: الخارجية الأمريكية إنه لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به، وعلى الصعيد الآخر السعودية عازمة على التوصل إلى إتفاق عسكري يلزم الولايات المتحدة بالدفاع عن المملكة مقابل فتح العلاقات مع إسرائيل، ولن تعطل الإتفاق حتى لو لم تقدم إسرائيل تنازلات كبيرة للفلسطينيين في محاولتهم، من أجل إقامة الدولة.
وقد لا ترقىّ الإتفاقية إلى مستوىّ الضمانات الدفاعية الصارمة على غرار الناتو التي سعت إليها السعودية في البداية عندما نوقشت هذه القضية لأول مرة بين ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان وجو بايدن” خلال زيارة الرئيس الأمريكي إلى المملكة العربية السعودية في يوليو من عام 2022، وبدلاً من ذلك، فإن الإتفاق قد يبدو مثل معاهدات أبرمتها واشنطن مع دول آسيوية، أو إذا لم يحظىّ ذلك بموافقة الكونجرس الأمريكي، فقد يكون مشابها لإتفاق أمريكي مع البحرين، حيث يتمركز الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية، ولن يحتاج مثل هذا الإتفاق إلى دعم الكونجرس الأمريكي،
وأن واشنطن يمكنها أيضاً تحسين أي إتفاق من خلال تصنيف المملكة العربية السعودية كحليف رئيسي من خارج الناتو، وهو الوضع الممنوح لإسرائيل بالفعل.
ومن خلال متابعتنا عن كثب نرىّ أن السعودية لن تقبل بأقل من الضمانات الملزمة بالحماية الأمريكية إذا تعرضت لهجوم، مثل الضربات الصاروخية التي وقعت في 14 سبتمبر من عام 2019 على مواقعها النفطية، والتي هزت الأسواق العالمية، وألقت الرياض وواشنطن باللوم على إيران، المنافس الإقليمي للمملكة، رغم نفي طهران أن يكون لها دور، وأن الإتفاقيات التي تمنح أكبر مصدر للنفط في العالم الحماية الأمريكية مقابل التطبيع مع إسرائيل ستعيد تشكيل الشرق الأوسط من خلال الجمع بين خصمين منذ فترة طويلة وربط الرياض بواشنطن بعد غزوات الصين في المنطقة، وبالنسبة لـ”بايدن”سيكون التباهي بهذا النصر الدبلوماسي قبل الإنتخابات الأمريكية في العام المقبل 2024، فضلاًعن؛ أن الإتفاق الذي يبني محوراً أمريكياً إسرائيلياً سعودياً يمكن أن يكبح التقدم الدبلوماسي الصيني بعد أن توسطت بكين في تقارب بين السعودية وإيران.
وختاماً: فقد شاهدنا منذ ساعات قلبلة الضجة الإعلامية والصحافية حيث عنونة الصحف الغربية على صفحاتها الرئيسة «واشنطن تعلن تقدم المحادثات بشأن تطبيع العلاقات بين السعودية واسرائيل»، وجاء فيها أن الطرفين وضعا على ما أعتقد هيكلية أساسية لما يمكن أن نسير باتجاهه،، وأؤكد: في مقالي أن الأمير”محمد بن سلمان” يُصر على بعض الإلتزامات من إسرائيل لإظهار أنه لا يتخلى عن الفلسطينيين، وأنه يسعىّ لإبقاء الباب مفتوحاً أمام حل الدولتين، وسيشمل ذلك مطالبة إسرائيل بنقل بعض الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل في الضفة الغربية إلى السلطة الفلسطينية، والحد من النشاط الإستيطاني اليهودي، ووقف أي خطوات لضم أجزاء من الضفة الغربية، ويجب بُراعى بأن يكون للفلسطينيين حق النقض “الفيتو”على أي إتفاق لصنع السلام.